الله بأصحاب محمد عن التابعين لهدّمت صوامع. وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : (لَهُدِّمَتْ صَوامِعُ) الآية قال : الصوامع التي تكون فيها الرهبان ، والبيع مساجد اليهود وصلوات كنائس النصارى ، والمساجد مساجد المسلمين. وأخرجا عنه قال : البيع بيع النصارى ، وصلوات كنائس اليهود. وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن زيد بن أسلم في قوله : (الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ) قال : أرض المدينة (أَقامُوا الصَّلاةَ) قال : المكتوبة (وَآتَوُا الزَّكاةَ) قال : المفروضة (وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ) قال : بلا إله إلا الله (وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ) قال : عن الشرك بالله (وَلِلَّهِ عاقِبَةُ الْأُمُورِ) قال : وعند الله ثواب ما صنعوا.
(وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَعادٌ وَثَمُودُ (٤٢) وَقَوْمُ إِبْراهِيمَ وَقَوْمُ لُوطٍ (٤٣) وَأَصْحابُ مَدْيَنَ وَكُذِّبَ مُوسى فَأَمْلَيْتُ لِلْكافِرِينَ ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كانَ نَكِيرِ (٤٤) فَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها وَهِيَ ظالِمَةٌ فَهِيَ خاوِيَةٌ عَلى عُرُوشِها وَبِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَشِيدٍ (٤٥) أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِها أَوْ آذانٌ يَسْمَعُونَ بِها فَإِنَّها لا تَعْمَى الْأَبْصارُ وَلكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ (٤٦) وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذابِ وَلَنْ يُخْلِفَ اللهُ وَعْدَهُ وَإِنَّ يَوْماً عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ (٤٧) وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أَمْلَيْتُ لَها وَهِيَ ظالِمَةٌ ثُمَّ أَخَذْتُها وَإِلَيَّ الْمَصِيرُ (٤٨) قُلْ يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّما أَنَا لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ (٤٩) فَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (٥٠) وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آياتِنا مُعاجِزِينَ أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَحِيمِ (٥١))
قوله : (وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ) إلخ هذه تسلية لرسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وتعزية له متضمّنة للوعد له بإهلاك المكذبين له ، كما أهلك سبحانه المكذبين لمن كان قبله. وفيه إرشاد له صلىاللهعليهوسلم إلى الصبر على قومه والاقتداء بمن قبله من الأنبياء في ذلك ، وقد تقدّم ذكر هذه الأمم وما كان منهم ومن أنبيائهم وكيف كانت عاقبتهم ، وإنما غير النظم في قوله : (وَكُذِّبَ مُوسى) فجاء بالفعل مبنيا للمفعول ؛ لأن قوم موسى لم يكذبوه وإنما كذبه غيرهم من القبط (فَأَمْلَيْتُ لِلْكافِرِينَ) أي : أخّرت عنهم العقوبة وأمهلتهم ، والفاء لترتيب الإمهال على التكذيب (ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ) أي : أخذت كلّ فريق من المكذّبين بالعذاب بعد انقضاء مدّة الإمهال (فَكَيْفَ كانَ نَكِيرِ) هذا الاستفهام للتقرير ، أي : فانظر كيف كان إنكاري عليهم وتغيير ما كانوا فيه من النعم وإهلاكهم ، والنكير اسم من المنكر. قال الزجاج : أي : ثم أخذتهم فأنكرت أبلغ إنكار. قال الجوهري : النكير والإنكار : تغيير المنكر. ثم ذكر سبحانه كيف عذّب أهل القرى المكذبة فقال : (فَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها) أي : أهلكنا أهلها ، وقد تقدّم الكلام على هذا التركيب في آل عمران ، وقرئ : «أهلكتها» ، وجملة (وَهِيَ ظالِمَةٌ) حالية ، وجملة (فَهِيَ خاوِيَةٌ) عطف على (أَهْلَكْناها) ، لا على ظالمة لأنها حالية ، والعذاب ليس في حال الظلم ، والمراد بنسبة الظلم إليها نسبته إلى أهلها : والخواء : بمعنى السقوط ، أي : فهي ساقطة (عَلى