طريق نافع عن ابن عمرو قال : فيه ذو الكفل. وأخرج ابن جرير والبيهقي في الأسماء والصفات ، عن ابن عباس في قوله : (وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغاضِباً) يقول : غضب على قومه (فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ) يقول : أن لن نقضي عليه عقوبة ولا بلاء فيما صنع بقومه في غضبه عليهم وفراره ، قال : وعقوبته أخذ النون (١) إياه. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي عن ابن عباس في قوله : (فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ) قال : ظنّ أن لن يأخذه العذاب الذي أصابه. وأخرج أحمد في الزهد ، وابن أبي الدنيا وابن أبي حاتم ، والحاكم وصحّحه ، عن ابن مسعود (فَنادى فِي الظُّلُماتِ) قال : ظلمة الليل ، وظلمة بطن الحوت ، وظلمة البحر. وأخرج أحمد والترمذي والنسائي ، والحكيم الترمذي في نوادر الأصول ، والبزار وابن جرير وابن أبي حاتم ، والحاكم وصحّحه ، وابن مردويه ، والبيهقي في الشعب ، عن سعد بن أبي وقاص سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «دعوة ذي النون إذ هو في بطن الحوت : لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين ، لم يدع بها مسلم ربّه في شيء قط إلا استجاب له». وأخرج ابن جرير عنه قال : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : «اسم الله الذي إذا دعي به أجاب ، وإذا سئل به أعطى : دعوة يونس بن متّى ، قلت : يا رسول الله ، هل ليونس خاصة أم لجماعة المسلمين؟ قال : هي ليونس خاصة وللمؤمنين عامة إذا دعوا به ، ألم تسمع قول الله (وَكَذلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ) فهو شرط من الله لمن دعاه». وأخرج الحاكم من حديثه أيضا نحوه. وقد ثبت في الصّحيحين وغيرهما من حديث ابن عباس قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «لا ينبغي لأحد أن يقول أنا خير من يونس بن متى». وروي أيضا في الصحيح وغيره من حديث ابن مسعود ، وروي أيضا في الصحيحين من حديث أبي هريرة.
(وَزَكَرِيَّا إِذْ نادى رَبَّهُ رَبِّ لا تَذَرْنِي فَرْداً وَأَنْتَ خَيْرُ الْوارِثِينَ (٨٩) فَاسْتَجَبْنا لَهُ وَوَهَبْنا لَهُ يَحْيى وَأَصْلَحْنا لَهُ زَوْجَهُ إِنَّهُمْ كانُوا يُسارِعُونَ فِي الْخَيْراتِ وَيَدْعُونَنا رَغَباً وَرَهَباً وَكانُوا لَنا خاشِعِينَ (٩٠) وَالَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَها فَنَفَخْنا فِيها مِنْ رُوحِنا وَجَعَلْناها وَابْنَها آيَةً لِلْعالَمِينَ (٩١) إِنَّ هذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً واحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ (٩٢) وَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ كُلٌّ إِلَيْنا راجِعُونَ (٩٣) فَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلا كُفْرانَ لِسَعْيِهِ وَإِنَّا لَهُ كاتِبُونَ (٩٤) وَحَرامٌ عَلى قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها أَنَّهُمْ لا يَرْجِعُونَ (٩٥) حَتَّى إِذا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ (٩٦) وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ فَإِذا هِيَ شاخِصَةٌ أَبْصارُ الَّذِينَ كَفَرُوا يا وَيْلَنا قَدْ كُنَّا فِي غَفْلَةٍ مِنْ هذا بَلْ كُنَّا ظالِمِينَ (٩٧))
قوله : (وَزَكَرِيَّا) أي : واذكر خبر زكريا وقت ندائه لربه قال : (رَبِّ لا تَذَرْنِي فَرْداً) أي : منفردا وحيدا لا ولد لي. وقد تقدّم الكلام على هذه الآية في آل عمران. (وَأَنْتَ خَيْرُ الْوارِثِينَ) أي :
__________________
(١). أي الحوت.