اللواطة والضراط وخذف الحصى (١) كما سيأتي ، ثم علّل سبحانه ذلك بقوله : (إِنَّهُمْ كانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فاسِقِينَ) أي : خارجين عن طاعة الله ، والفسوق : الخروج كما تقدّم (وَأَدْخَلْناهُ فِي رَحْمَتِنا) بإنجائنا إياه من القوم المذكورين ، ومعنى «في رحمتنا» : في أهل رحمتنا ، وقيل : في النبوّة ، وقيل : في الإسلام ، وقيل : في الجنة (إِنَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ) الذين سبقت لهم منا الحسنى (وَنُوحاً إِذْ نادى) أي : واذكر نوحا إذ نادى ربه (مِنْ قَبْلُ) أي : من قبل هؤلاء الأنبياء المذكورين (فَاسْتَجَبْنا لَهُ) دعاءه (فَنَجَّيْناهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ) أي : من الغرق بالطوفان ، والكرب : الغمّ الشديد ، والمراد بأهله المؤمنون منهم (وَنَصَرْناهُ مِنَ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا) أي : نصرناه نصرا مستتبعا للانتقام من القوم المذكورين ، وقيل : المعنى : منعناه من القوم. وقال أبو عبيدة : من بمعنى على. ثم علّل سبحانه ذلك بقوله : (إِنَّهُمْ كانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فَأَغْرَقْناهُمْ أَجْمَعِينَ) أي : لم نترك منهم أحدا ، بل أغرقنا كبيرهم وصغيرهم ؛ بسبب إصرارهم على الذنب.
وقد أخرج ابن أبي حاتم عن أبيّ بن كعب في قوله : (إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بارَكْنا فِيها) قال : الشام. وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي مالك نحوه. وأخرج الحاكم وصحّحه ، عن ابن عباس قال : لوط كان ابن أخي إبراهيم. وأخرج ابن جرير عنه (وَوَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ) قال : ولدا (وَيَعْقُوبَ نافِلَةً) قال : ابن الابن. وأخرج ابن جرير عن قتادة نحوه. وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن الحكم نحوه أيضا. وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد (وَوَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ) قال : أعطيناه (وَيَعْقُوبَ نافِلَةً) قال : عطية.
(وَداوُدَ وَسُلَيْمانَ إِذْ يَحْكُمانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شاهِدِينَ (٧٨) فَفَهَّمْناها سُلَيْمانَ وَكُلاًّ آتَيْنا حُكْماً وَعِلْماً وَسَخَّرْنا مَعَ داوُدَ الْجِبالَ يُسَبِّحْنَ وَالطَّيْرَ وَكُنَّا فاعِلِينَ (٧٩) وَعَلَّمْناهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَكُمْ لِتُحْصِنَكُمْ مِنْ بَأْسِكُمْ فَهَلْ أَنْتُمْ شاكِرُونَ (٨٠) وَلِسُلَيْمانَ الرِّيحَ عاصِفَةً تَجْرِي بِأَمْرِهِ إِلى الْأَرْضِ الَّتِي بارَكْنا فِيها وَكُنَّا بِكُلِّ شَيْءٍ عالِمِينَ (٨١) وَمِنَ الشَّياطِينِ مَنْ يَغُوصُونَ لَهُ وَيَعْمَلُونَ عَمَلاً دُونَ ذلِكَ وَكُنَّا لَهُمْ حافِظِينَ (٨٢) وَأَيُّوبَ إِذْ نادى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ (٨٣) فَاسْتَجَبْنا لَهُ فَكَشَفْنا ما بِهِ مِنْ ضُرٍّ وَآتَيْناهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنا وَذِكْرى لِلْعابِدِينَ (٨٤) وَإِسْماعِيلَ وَإِدْرِيسَ وَذَا الْكِفْلِ كُلٌّ مِنَ الصَّابِرِينَ (٨٥) وَأَدْخَلْناهُمْ فِي رَحْمَتِنا إِنَّهُمْ مِنَ الصَّالِحِينَ (٨٦) وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغاضِباً فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنادى فِي الظُّلُماتِ أَنْ لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ (٨٧) فَاسْتَجَبْنا لَهُ وَنَجَّيْناهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ (٨٨))
__________________
(١). أي : رميها.