وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس في قوله : (وَأَنَا خَيْرُ الْمُنْزِلِينَ) قال : خير من يضيف بمصر. وأخرج ابن جرير عن قتادة في قوله : (لِفِتْيانِهِ) أي لغلمانه (اجْعَلُوا بِضاعَتَهُمْ) أي أوراقهم. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة في قوله : (ما نَبْغِي هذِهِ بِضاعَتُنا رُدَّتْ إِلَيْنا) يقولون : ما نبغي وراء هذا (وَنَزْدادُ كَيْلَ بَعِيرٍ) أي حمل بعير. وأخرج أبو عبيد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد (وَنَزْدادُ كَيْلَ بَعِيرٍ) قال : حمل حمار ، قال : وهي لغة ، قال أبو عبيد : يعني مجاهدا أن الحمار يقال له في بعض اللغات بعير. وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله : (إِلَّا أَنْ يُحاطَ بِكُمْ) قال : تهلكوا جميعا ، وفي قوله : (فَلَمَّا آتَوْهُ مَوْثِقَهُمْ) قال : عهدهم. وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : (إِلَّا أَنْ يُحاطَ بِكُمْ) قال : إلا أن تغلبوا حتّى لا تطيقوا ذلك.
(وَقالَ يا بَنِيَّ لا تَدْخُلُوا مِنْ بابٍ واحِدٍ وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوابٍ مُتَفَرِّقَةٍ وَما أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللهِ مِنْ شَيْءٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَعَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ (٦٧) وَلَمَّا دَخَلُوا مِنْ حَيْثُ أَمَرَهُمْ أَبُوهُمْ ما كانَ يُغْنِي عَنْهُمْ مِنَ اللهِ مِنْ شَيْءٍ إِلاَّ حاجَةً فِي نَفْسِ يَعْقُوبَ قَضاها وَإِنَّهُ لَذُو عِلْمٍ لِما عَلَّمْناهُ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ (٦٨) وَلَمَّا دَخَلُوا عَلى يُوسُفَ آوى إِلَيْهِ أَخاهُ قالَ إِنِّي أَنَا أَخُوكَ فَلا تَبْتَئِسْ بِما كانُوا يَعْمَلُونَ (٦٩) فَلَمَّا جَهَّزَهُمْ بِجَهازِهِمْ جَعَلَ السِّقايَةَ فِي رَحْلِ أَخِيهِ ثُمَّ أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسارِقُونَ (٧٠) قالُوا وَأَقْبَلُوا عَلَيْهِمْ ما ذا تَفْقِدُونَ (٧١) قالُوا نَفْقِدُ صُواعَ الْمَلِكِ وَلِمَنْ جاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ (٧٢) قالُوا تَاللهِ لَقَدْ عَلِمْتُمْ ما جِئْنا لِنُفْسِدَ فِي الْأَرْضِ وَما كُنَّا سارِقِينَ (٧٣) قالُوا فَما جَزاؤُهُ إِنْ كُنْتُمْ كاذِبِينَ (٧٤) قالُوا جَزاؤُهُ مَنْ وُجِدَ فِي رَحْلِهِ فَهُوَ جَزاؤُهُ كَذلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ (٧٥) فَبَدَأَ بِأَوْعِيَتِهِمْ قَبْلَ وِعاءِ أَخِيهِ ثُمَّ اسْتَخْرَجَها مِنْ وِعاءِ أَخِيهِ كَذلِكَ كِدْنا لِيُوسُفَ ما كانَ لِيَأْخُذَ أَخاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ إِلاَّ أَنْ يَشاءَ اللهُ نَرْفَعُ دَرَجاتٍ مَنْ نَشاءُ وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ (٧٦))
لما تجهز أولاد يعقوب للمسير إلى مصر خاف عليهم أبوهم أن تصيبهم العين ؛ لكونهم كانوا ذوي جمال ظاهر وثياب حسنة مع كونهم أولاد رجل واحد. فنهاهم أن يدخلوا مجتمعين من باب واحد لأن في ذلك مظنة لإصابة الأعين لهم ، وأمرهم أن يدخلوا من أبواب متفرّقة ، ولم يكتف بقوله : (لا تَدْخُلُوا مِنْ بابٍ واحِدٍ) عن قوله : (وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوابٍ مُتَفَرِّقَةٍ) لأنهم لو دخلوا من بابين مثلا كانوا قد امتثلوا النية عن الدخول من باب واحد ، ولكنه لما كان في الدخول من بابين مثلا نوع اجتماع يخشى معه أن تصيبهم العين أمرهم أن يدخلوا من أبواب متفرقة ، قيل : وكانت أبواب مصر أربعة.
وقد أنكر بعض المعتزلة كأبي هاشم والبلخي أنّ للعين تأثيرا ، وقالا : لا يمتنع أن صاحب العين إذا شاهد الشيء وأعجب به كانت المصلحة له في تكليفه أن يغير الله ذلك الشيء حتى لا يبقى قلب ذلك المكلف معلقا