أبي حاتم في قوله : (وَلِيَ فِيها مَآرِبُ) قال : حوائج. وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد نحوه. وأخرج ابن أبي حاتم عن السدّي نحوه ، وأخرج أيضا عن قتادة قال : كانت تضيء له بالليل ، وكانت عصا آدم عليهالسلام. وأخرج أيضا عن ابن عباس في قوله : (فَأَلْقاها فَإِذا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعى) قال : ولم تكن قبل ذلك حية فمرّت بشجرة فأكلتها ، ومرّت بصخرة فابتلعتها ، فجعل موسى يسمع وقع الصخرة في جوفها فولى مدبرا فنودي أن يا موسى خذها ، فلم يأخذها ، ثم نودي الثانية أن خذها ولا تخف ، فقيل له في الثالثة : إنك من الآمنين فأخذها. وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عنه (سَنُعِيدُها سِيرَتَهَا الْأُولى) قال : حالتها الأولى. وأخرجا عنه أيضا : (مِنْ غَيْرِ سُوءٍ) قال : من غير برص. وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس في قوله : (وَاجْعَلْ لِي وَزِيراً مِنْ أَهْلِي ـ هارُونَ أَخِي) قال : كان أكبر من موسى. وأخرج ابن أبي حاتم عنه في قوله : (وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي) قال : نبىء هارون ساعتئذ حين نبيء موسى.
(قالَ قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يا مُوسى (٣٦) وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلَيْكَ مَرَّةً أُخْرى (٣٧) إِذْ أَوْحَيْنا إِلى أُمِّكَ ما يُوحى (٣٨) أَنِ اقْذِفِيهِ فِي التَّابُوتِ فَاقْذِفِيهِ فِي الْيَمِّ فَلْيُلْقِهِ الْيَمُّ بِالسَّاحِلِ يَأْخُذْهُ عَدُوٌّ لِي وَعَدُوٌّ لَهُ وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي وَلِتُصْنَعَ عَلى عَيْنِي (٣٩) إِذْ تَمْشِي أُخْتُكَ فَتَقُولُ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلى مَنْ يَكْفُلُهُ فَرَجَعْناكَ إِلى أُمِّكَ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُها وَلا تَحْزَنَ وَقَتَلْتَ نَفْساً فَنَجَّيْناكَ مِنَ الْغَمِّ وَفَتَنَّاكَ فُتُوناً فَلَبِثْتَ سِنِينَ فِي أَهْلِ مَدْيَنَ ثُمَّ جِئْتَ عَلى قَدَرٍ يا مُوسى (٤٠) وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي (٤١) اذْهَبْ أَنْتَ وَأَخُوكَ بِآياتِي وَلا تَنِيا فِي ذِكْرِي (٤٢) اذْهَبا إِلى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغى (٤٣) فَقُولا لَهُ قَوْلاً لَيِّناً لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشى (٤٤))
لما سأل موسى ربه سبحانه أن يشرح صدره ، وييسر له أمره ، ويحلل عقدة من لسانه ، ويجعل له وزيرا من أهله ، أخبره الله سبحانه بأنه قد أجاب ذلك الدعاء ، فقال : (قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يا مُوسى) أي : أعطيت ما سألته ، والسؤل : المسؤول ، أي : المطلوب كقولك : خبر بمعنى مخبور ، وزيادة قوله يا موسى لتشريفه بالخطاب مع رعاية الفواصل ، وجملة (وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلَيْكَ مَرَّةً أُخْرى) كلام مستأنف لتقوية قلب موسى بتذكيره نعم الله عليه ، والمنّ : الإحسان والإفضال. والمعنى : ولقد أحسنا إليك مرّة أخرى قبل هذه المرّة ، وهي حفظ الله سبحانه له من شرّ الأعداء كما بينه سبحانه ها هنا ، وأخرى تأنيث آخر بمعنى غير (إِذْ أَوْحَيْنا إِلى أُمِّكَ ما يُوحى) أي : مننا ذلك الوقت ، وهو وقت الإيحاء فإذ ظرف للإيحاء ، والمراد بالإيحاء إليها إما مجرّد الإلهام لها أو في النوم بأن أراها ذلك أو على لسان نبيّ أو على لسان ملك ، لا على طريق النبوّة كالوحي إلى مريم أو بإخبار الأنبياء المتقدّمين بذلك وانتهى الخبر إليها ، والمراد بما يوحى ما سيأتي من الأمر لها ، أبهمه أوّلا وفسّره ثانيا تفخيما لشأنه ، وجملة (أَنِ اقْذِفِيهِ فِي التَّابُوتِ) مفسّرة لأن الوحي فيه معنى القول ، أو مصدرية على تقدير بأن اقذفيه ، والقذف هاهنا الطرح ، أي : اطرحيه في التابوت ، وقد مرّ تفسير التابوت في البقرة في قصة طالوت (فَاقْذِفِيهِ فِي الْيَمِ) أي : اطرحيه في البحر ، واليم : البحر أو النهر الكبير. قال الفرّاء : هذا أمر وفيه المجازاة ، أي : اقذفيه يلقه اليم بالساحل ، والأمر للبحر مبني على تنزيله منزلة من