(لَعَجَّلَ لَهُمُ الْعَذابَ) لاستحقاقهم لذلك (بَلْ) جعل (لَهُمْ مَوْعِدٌ) أي : أجل مقدّر لعذابهم ، قيل : هو عذاب الآخرة ، وقيل : يوم بدر (لَنْ يَجِدُوا مِنْ دُونِهِ مَوْئِلاً) أي : ملجأ يلجئون إليه. وقال أبو عبيدة : منجى ، وقيل : محيصا ، ومنه قول الشاعر :
لا وألت نفسك خلّيتها |
|
للعامريّين ولم تكلم |
وقال الأعشى :
وقد أخالس ربّ البيت غفلته |
|
وقد يحاذر منّي ثم ما يئل |
أي : ما ينجو.
(وَتِلْكَ الْقُرى) أي : قرى عاد وثمود وأمثالها (أَهْلَكْناهُمْ) هذا خبر اسم الإشارة والقرى صفته ، والكلام على حذف مضاف ، أي : أهل القرى أهلكناهم (لَمَّا ظَلَمُوا) أي : وقت وقوع الظلم منهم بالكفر والمعاصي (وَجَعَلْنا لِمَهْلِكِهِمْ مَوْعِداً) أي : وقتا معينا ، وقرأ أبو بكر عن عاصم «مهلكهم» بفتح الميم واللام ، وهو مصدر هلك ، وأجاز الكسائي والفراء وكسر اللام وفتح الميم ، وبذلك قرأ حفص ، وقرأ الجمهور بضم الميم وفتح اللام. وقال الزجّاج : مهلك اسم للزمان ، والتقدير : لوقت مهلكهم.
وقد أخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : (إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ) قال : عقوبة الأوّلين. وأخرج ابن أبي حاتم عن الأعمش في قوله : (قُبُلاً) قال : جهارا. وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد قال : فجأة. وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : (وَنَسِيَ ما قَدَّمَتْ يَداهُ) قال : نسي ما سلف من الذنوب الكثيرة. وأخرج أيضا عن ابن عباس (بِما كَسَبُوا) يقول : بما عملوا. وأخرج ابن أبي حاتم عن السدّي (بَلْ لَهُمْ مَوْعِدٌ) قال : الموعد يوم القيامة. وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم من طريق عليّ بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله : (مَوْئِلاً) قال : ملجأ. وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد (مَوْئِلاً) قال : محرزا.
(وَإِذْ قالَ مُوسى لِفَتاهُ لا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُباً (٦٠) فَلَمَّا بَلَغا مَجْمَعَ بَيْنِهِما نَسِيا حُوتَهُما فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَباً (٦١) فَلَمَّا جاوَزا قالَ لِفَتاهُ آتِنا غَداءَنا لَقَدْ لَقِينا مِنْ سَفَرِنا هذا نَصَباً (٦٢) قالَ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَما أَنْسانِيهُ إِلاَّ الشَّيْطانُ أَنْ أَذْكُرَهُ وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَباً (٦٣) قالَ ذلِكَ ما كُنَّا نَبْغِ فَارْتَدَّا عَلى آثارِهِما قَصَصاً (٦٤) فَوَجَدا عَبْداً مِنْ عِبادِنا آتَيْناهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنا وَعَلَّمْناهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْماً (٦٥) قالَ لَهُ مُوسى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْداً (٦٦) قالَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً (٦٧) وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلى ما لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْراً (٦٨) قالَ سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللهُ صابِراً وَلا أَعْصِي لَكَ أَمْراً (٦٩) قالَ فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلا تَسْئَلْنِي عَنْ شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْراً (٧٠))