في ذكرها هنا. وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة قال : كل شيء من طاعة الله ؛ فهو من الباقيات الصالحات.
(وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبالَ وَتَرَى الْأَرْضَ بارِزَةً وَحَشَرْناهُمْ فَلَمْ نُغادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً (٤٧) وَعُرِضُوا عَلى رَبِّكَ صَفًّا لَقَدْ جِئْتُمُونا كَما خَلَقْناكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ بَلْ زَعَمْتُمْ أَلَّنْ نَجْعَلَ لَكُمْ مَوْعِداً (٤٨) وَوُضِعَ الْكِتابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يا وَيْلَتَنا ما لِهذَا الْكِتابِ لا يُغادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلاَّ أَحْصاها وَوَجَدُوا ما عَمِلُوا حاضِراً وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً (٤٩) وَإِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلاَّ إِبْلِيسَ كانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلاً (٥٠) ما أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَلا خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ وَما كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُداً (٥١) وَيَوْمَ يَقُولُ نادُوا شُرَكائِيَ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ فَدَعَوْهُمْ فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ وَجَعَلْنا بَيْنَهُمْ مَوْبِقاً (٥٢) وَرَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ فَظَنُّوا أَنَّهُمْ مُواقِعُوها وَلَمْ يَجِدُوا عَنْها مَصْرِفاً (٥٣))
وقوله : (وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبالَ) قرأ الحسن وابن كثير وأبو عمرو وابن عامر تسير بمثناة فوقية مضمومة وفتح الياء التحتية على البناء للمفعول ، ورفع الجبال على النيابة عن الفاعل. وقرأ ابن محيصن ومجاهد «تسير» بفتح التاء الفوقية والتخفيف على أن الجبال فاعل. وقرأ الباقون «نسير» بالنون على أن الفاعل هو الله سبحانه والجبال منصوبة على المفعولية ، ويناسب القراءة الأولى قوله تعالى : (وَإِذَا الْجِبالُ سُيِّرَتْ) (١) ، ويناسب القراءة الثانية قوله تعالى : (وَتَسِيرُ الْجِبالُ سَيْراً) (٢) ، واختار القراءة الثالثة أبو عبيدة لأنها المناسبة لقوله : (وَحَشَرْناهُمْ). قال بعض النحويين : التقدير والباقيات الصالحات خير عند ربك يوم نسيّر الجبال ؛ وقيل : العامل في الظرف فعل محذوف ، والتقدير : واذكر يوم نسير الجبال ، ومعنى تسيير الجبال إزالتها من أماكنها وتسييرها كما تسير السحاب ، ومنه قوله تعالى : (وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحابِ) (٣) ، ثم تعود إلى الأرض بعد أن جعلها الله كما قال : (وَبُسَّتِ الْجِبالُ بَسًّا ـ فَكانَتْ هَباءً مُنْبَثًّا) (٤). والخطاب في قوله : (وَتَرَى الْأَرْضَ بارِزَةً) لرسول الله صلىاللهعليهوسلم ، أو لكل من يصلح للرؤية ، ومعنى بروزها : ظهورها وزوال ما يسترها من الجبال والشجر والبنيان ؛ وقيل : المعنيّ ببروزها بروز ما فيها من الكنوز والأموات ، كما قال سبحانه : (وَأَلْقَتْ ما فِيها وَتَخَلَّتْ) (٥) ، وقال : (وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقالَها) (٦) ، فيكون المعنى : وترى الأرض بارزا ما في جوفها (وَحَشَرْناهُمْ) أي : الخلائق ، ومعنى الحشر : الجمع ؛ أي : جمعناهم إلى الموقف من كلّ مكان (فَلَمْ نُغادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً) فلم نترك منهم أحدا ، يقال : غادره وأغدره إذا تركه ، قال عنترة :
__________________
(١). التكوير : ٣.
(٢). الطور : ١٠.
(٣). النمل : ٨٨.
(٤). الواقعة : ٥ ـ ٦.
(٥). الانشقاق : ٤.
(٦). الزلزلة : ٢.