أو لنجزينهم بحسب أحسن أفراد أعمالهم على معنى لنعطينهم بمقابلة الفرد الأدنى من أعمالهم المذكورة ما نعطيهم بمقابلة الفرد الأعلى منها من الجزاء الجزيل ، لا أنّا نعطي الأجر بحسب أفرادها المتفاوتة في مراتب الحسن بأن نجزي الحسن منها بالأجر الحسن ، والأحسن بالأحسن ، كذا قيل. قرأ عاصم وابن كثير «لنجزين» بالنون. وقرأ الباقون بالياء التحتية.
وقد أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن مزيد بن جابر في قوله : (وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللهِ إِذا عاهَدْتُمْ) قال : أنزلت هذه الآية في بيعة رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، كأنّ من أسلم بايع على الإسلام ، فقال : (وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللهِ) الآية فلا يحملنكم قلة محمد وأصحابه وكثرة المشركين أن تنقضوا البيعة التي بايعتم على الإسلام. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : (وَلا تَنْقُضُوا الْأَيْمانَ بَعْدَ تَوْكِيدِها) يقول : بعد تغليظها. وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة نحوه. وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير نحوه. وأخرج ابن مردويه من طريق عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس أن سعيدة الأسدية كانت تجمع الشّعر والليف ، فنزلت فيها هذه الآية (وَلا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَها). وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي بكر بن حفص مثله ، وفي الروايتين جميعا أنها كانت مجنونة. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدّي في سبب نزول الآية قال : كانت امرأة بمكة تسمى خرقاء مكة ، كانت تغزل ، فإذا أبرمت غزلها نقضته. وأخرج ابن جرير عن عبد الله بن كثير معناه. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : (أَنْ تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبى مِنْ أُمَّةٍ) قال : ناس أكثر من ناس. وأخرجوا عن مجاهد في الآية قال : كانوا يحالفون الحلفاء فيجدون أكثر منهم وأعزّ ؛ فينقضون حلف هؤلاء ، ويحالفون هؤلاء الذين هم أعزّ ، فنهوا عن ذلك.
(مَنْ عَمِلَ صالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَياةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ ما كانُوا يَعْمَلُونَ (٩٧) فَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ (٩٨) إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (٩٩) إِنَّما سُلْطانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ (١٠٠) وَإِذا بَدَّلْنا آيَةً مَكانَ آيَةٍ وَاللهُ أَعْلَمُ بِما يُنَزِّلُ قالُوا إِنَّما أَنْتَ مُفْتَرٍ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ (١٠١) قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آمَنُوا وَهُدىً وَبُشْرى لِلْمُسْلِمِينَ (١٠٢) وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّما يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِسانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهذا لِسانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ (١٠٣) إِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِآياتِ اللهِ لا يَهْدِيهِمُ اللهُ وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (١٠٤) إِنَّما يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِآياتِ اللهِ وَأُولئِكَ هُمُ الْكاذِبُونَ (١٠٥))
هذا شروع في ترغيب كلّ مؤمن في كلّ عمل صالح ، وتعميم للوعد ؛ ومعنى (مَنْ عَمِلَ صالِحاً) من عمل عملا صالحا أيّ عمل كان ، وزيادة التمييز بذكر أو أنثى مع كون لفظ (مَنْ) شاملا لهما لقصد