النخل الطوال ينهشونهم في جهنّم». وأخرج أبو يعلى وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : (زِدْناهُمْ عَذاباً فَوْقَ الْعَذابِ) قال : خمسة أنهار من نار صبّها الله عليهم يعذّبون ببعضها بالليل ، وببعضها بالنهار. وقد روى ابن مردويه من حديث جابر عن النّبي صلىاللهعليهوسلم قال : «الزيادة خمسة أنهار تجري من تحت العرش على رؤوس أهل النار : ثلاثة أنهار على مقدار الليل ، ونهران على مقدار النهار» فذلك قوله : (زِدْناهُمْ عَذاباً فَوْقَ الْعَذابِ). وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن مسعود قال : إن الله أنزل في هذا الكتاب تبيانا لكل شيء ، ولكن علمنا يقصر عمّا بيّن لنا في القرآن ، ثم قرأ : (وَنَزَّلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ تِبْياناً لِكُلِّ شَيْءٍ). وأخرج سعيد بن منصور وابن أبي شيبة ، وعبد الله بن أحمد في زوائد الزهد ، وابن الضريس في فضائل القرآن ، ومحمد بن نصر في كتاب الصلاة ، والطبراني ، والبيهقي في الشعب ، عن ابن مسعود قال : من أراد العلم فليتنوّر القرآن ، فإن فيه علم الأوّلين والآخرين. وأخرج أحمد عن عثمان بن أبي العاص قال : «كنت عند رسول الله صلىاللهعليهوسلم جالسا إذ شخص بصره فقال : أتاني جبريل فأمرني أن أضع هذه الآية بهذا الموضع من السورة (إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسانِ) الآية». وفي إسناده شهر بن حوشب. وقال ابن كثير في تفسيره : إسناده لا بأس به. وقد أخرجه مطوّلا أحمد ، والبخاري في الأدب ، وابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه من حديث ابن عباس ، وحسّن ابن كثير إسناده. وأخرج الباوردي وابن السكن وابن مندة ، وأبو نعيم في معرفة الصحابة ، عن عبد الملك بن عمير أن هذه الآية لما بلغت أكثم ابن صيفي حكيم العرب قال : إني أراه يأمر بمكارم الأخلاق ، وينهى عن ملائمها ، ثم قال لقومه : كونوا في هذا الأمر رؤوسا ، ولا تكونوا فيه أذنابا ، وكونوا فيه أوّلا ولا تكونوا فيه آخرا.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم ، والبيهقي في الأسماء والصفات ، عن ابن عباس في قوله : (إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ) قال : شهادة أن لا إله إلا الله ، والإحسان أداء الفرائض (وَإِيتاءِ ذِي الْقُرْبى) قال : إعطاء ذوي الأرحام الحق الذي أوجبه الله عليك بسبب القرابة والرحم (وَيَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ) قال : الزنا (وَالْمُنْكَرِ) قال : الشرك (وَالْبَغْيِ) قال : الكبر والظلم (يَعِظُكُمْ) قال : يوصيكم (لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ). وأخرج سعيد بن منصور ، والبخاري في الأدب ، ومحمد بن نصر في الصلاة ، وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني ، والحاكم وصحّحه ، والبيهقي في الشعب قال : أعظم آية في كتاب الله (اللهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ) (١) ، وأجمع آية في كتاب الله للخير والشرّ الآية التي في النحل (إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسانِ) وأكثر آية في كتاب الله تفويضا : (وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً ـ وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ) (٢) ، وأشدّ آية في كتاب الله رجاء : (يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ) (٣) الآية. وأخرج البيهقي في الشعب عن الحسن أنه قرأ هذه الآية : (إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسانِ) إلى آخرها ثم قال : إن الله عزوجل جمع لكم الخير كله والشرّ كله في آية واحدة ، فو الله ما ترك العدل والإحسان من طاعة الله شيئا إلا جمعه ، ولا ترك الفحشاء والمنكر والبغي من معصية الله شيئا إلا جمعه. وأخرج البخاري
__________________
(١). البقرة : ٢٥٥.
(٢). الطلاق : ٢ و ٣.
(٣). الزمر : ٥٣.