الْأَوَّلِينَ) قال : أمم الأوّلين.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أنس في قوله : (كَذلِكَ نَسْلُكُهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ) قال : الشرك نسلكه في قلوب المشركين. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة مثله. وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر عن الحسن مثله أيضا. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة (وَقَدْ خَلَتْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ) قال : وقائع الله فيمن خلا من الأمم. وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن جريج في قوله : (فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ) قال ابن جريج : قال ابن عباس : فظلت الملائكة تعرج فنظروا إليهم (لَقالُوا إِنَّما سُكِّرَتْ أَبْصارُنا) قال : قريش تقوله. وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم في الآية عن ابن عباس أيضا يقول : ولو فتحنا عليهم بابا من أبواب السماء فظلت الملائكة تعرج فيه يختلفون فيه ذاهبين وجائين لقال أهل الشرك : إنما أخذت أبصارنا ، وشبّه علينا ، وإنما سحرنا. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد (سُكِّرَتْ أَبْصارُنا) قال : سدّت. وأخرج ابن جرير عن قتادة نحوه قال : ومن قرأ : (سُكِّرَتْ) مخففة ، فإنه يعني سحرت.
(وَلَقَدْ جَعَلْنا فِي السَّماءِ بُرُوجاً وَزَيَّنَّاها لِلنَّاظِرِينَ (١٦) وَحَفِظْناها مِنْ كُلِّ شَيْطانٍ رَجِيمٍ (١٧) إِلاَّ مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهابٌ مُبِينٌ (١٨) وَالْأَرْضَ مَدَدْناها وَأَلْقَيْنا فِيها رَواسِيَ وَأَنْبَتْنا فِيها مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْزُونٍ (١٩) وَجَعَلْنا لَكُمْ فِيها مَعايِشَ وَمَنْ لَسْتُمْ لَهُ بِرازِقِينَ (٢٠) وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلاَّ عِنْدَنا خَزائِنُهُ وَما نُنَزِّلُهُ إِلاَّ بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ (٢١) وَأَرْسَلْنَا الرِّياحَ لَواقِحَ فَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَسْقَيْناكُمُوهُ وَما أَنْتُمْ لَهُ بِخازِنِينَ (٢٢) وَإِنَّا لَنَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ وَنَحْنُ الْوارِثُونَ (٢٣) وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنْكُمْ وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَأْخِرِينَ (٢٤) وَإِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَحْشُرُهُمْ إِنَّهُ حَكِيمٌ عَلِيمٌ (٢٥))
لما ذكر سبحانه كفر الكافرين وعجزهم وعجز أصنامهم ، ذكر قدرته الباهرة وخلقه البديع ليستدل بذلك على وحدانيته ، فقال : (وَلَقَدْ جَعَلْنا فِي السَّماءِ بُرُوجاً) الجعل إن كان بمعنى الخلق ، ففي السّماء متعلّق به ، وإن كان بمعنى التّصيير ففي السماء خبره ، والبروج في اللغة : القصور والمنازل ، والمراد بها هنا منازل الشمس والقمر والنجوم السيارة ، وهي الاثنا عشر المشهورة كما تدلّ على ذلك التجربة ، والعرب تعدّ المعرفة بمواقع النجوم ومنازلها من أجلّ العلوم ، ويستدلّون بها على الطرقات والأوقات والخصب والجدب ، وقالوا : الفلك اثنا عشر برجا ، وأسماء هذه البروج : الحمل ، الثور ، الجوزاء ، السرطان ، الأسد ، السنبلة ، الميزان ، العقرب ، القوس ، الجدي ، الدلو ، الحوت. كل ثلاثة منها على طبيعة عنصر من العناصر الأربعة والمشتغلين بهذا العلم يسمون الحمل والأسد والقوس مثلثة نارية ، والثور والسنبلة والجدي مثلثة أرضية ، والجوزاء والميزان والدلو مثلثة هوائية ، والسرطان والعقرب والحوت مثلثة مائية. وأصل البروج الظهور ، ومنه تبرّج المرأة بإظهار زينتها. وقال الحسن وقتادة : البروج النجوم ، وسميت بذلك لظهورها وارتفاعها ، وقيل : السبعة