ثالثها : إن الله تعالى أخبر في الآية الشريفة بانه لم يقع مثل ذلك من البشر الموصوف بما في الآية الكريمة ، وهو أصدق القائلين.
الثاني : إنما قدم سبحانه الكتاب على غيره لكثرة أهميته فانه أصل المعارف الإلهية ، والاحكام الربوبية ، ومكارم الأخلاق ، وأن غيره يرجع اليه ، كما أن النبوة تدعو اليه.
ويمكن أن يراد به الأعم مما كتبه الله تعالى على عباده من المعارف الحقة ، فيشمل السنة المقدسة أيضا.
الثالث : إنما ذكر سبحانه هذه الأمور الثلاثة لبيان أن من اتصف بها قد فاز بالتربية الإلهية ، ونال جميع الكمالات الانسانية ولبيان مراتب الأنبياء ، فمنهم من نال جميع هذه الأمور ، ومنهم من نال بعضها على اختلاف مراتبهم ، فيدخل فيهم العلماء العاملون بشريعة خاتم الأنبياء الذين قال فيهم نبينا الأعظم (صلىاللهعليهوآله) : «علماء أمتي أفضل من أنبياء بني إسرائيل» والآية بمفهومها تدل على أن كل من لم يتصف بمفاد واحد منها ليس له من البشرية حظ بل يكون أقرب إلى الحيوانات ذوات الاشعار والأوبار.
الرابع : إنما عبر سبحانه بقوله : (أَنْ يُؤْتِيَهُ اللهُ) لبيان أن هذا الإعطاء قد تمكن في الفرد الممنوح له هذه النعم ، وأثرت فيه ، فلا يمكن أن يدعي الربوبية والألوهية ، فان التربية الإلهية لا تتخلف عن مقصدها.
الخامس : إنما قدم سبحانه التعليم والتعلم لشرفهما وان بهما يحظي الإنسان المقامات العالية. كما أن الآية الشريفة تشير إلى أن شأن الأنبياء إنما هو الإرشاد والدعوة إلى الحق.
السادس : يستفاد من قوله تعالى : (بِما كُنْتُمْ) التعريض بالنصارى من أهل الكتاب باعتبار انهم كانوا يدرسون الكتاب السماوي ويعلمونه