ولكنهم حرّفوه وغيّروا ما فيه من الاحكام ، وانما كان الواجب عليهم أن يكونوا ربانيين بالتعليم والدراسة لا يقولون في عيسى بما ينافي عبوديته ، ولا يأتون بما يخالف الاحكام الإلهية. وقد حكي الله تعالى ذلك عنهم في مواضع متفرقة ، وصرحت بها كتبهم المقدسة ، راجع أناجيل يوحنا : ٣٣ ـ ٣٦. ومتى ٢٢ : ٤١ ـ ٤٦. ومرقس ١٣ ٣٥ ـ ٣٨. ولوقا : ٤١ ـ ٤٥ وغيرها تجد الشيء الكثير ، وفي بعض الفقرات : أن عيسى أخبرهم انه ابنه وكلمته. وقد أكذبهم عزوجل وأبطل دعاويهم وانذرهم عليها بأشد العذاب وذكر أن عيسى وغيره من الأنبياء انما هم كسائر البشر وقد بعثهم عزوجل ليرشدوا الناس إلى الكمال بدعوتهم إلى التوحيد ، ويعلمونهم الكتاب والحكمة ليكونوا ربانيين حكماء صلحاء ، ليسعدوا في دنياهم وآخرتهم.
السابع : يستفاد من قوله تعالى : (أَيَأْمُرُكُمْ بِالْكُفْرِ) أن الأنبياء الذين أوتوا الكتاب والحكم والنبوة لا يأمرون بأي نحو من أنحاء الكفر سواء في العبودية ، أو في الخلق ، أو في الحكم. كما انهم مبرأون عنه.
الثامن : يدل قوله تعالى : (أَيَأْمُرُكُمْ بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) على أن الكفر لا يمكن اجتماعه مع الإسلام اعتقادا وعملا ، فانه أعظم رادع عن الكفر.
التاسع : تدل الآيات الشريفة على ذم العلو والاستعلاء من أي فرد تحقق ، ولكن يمكن أن يقال أن العلو إما أن يكون من الحق وبالحق ، وهو الحاصل من الأنبياء ، والأولياء الذين فضلهم الله تعالى على غيرهم. وإما أن يكون بالباطل وفي غير الحق ، كاستعلاء الناس بعضهم على بعض لأغراض وهمية خيالية ، وهذا هو المذموم غاية الذم ولا منشأ له إلا الغرور والغفلة عن الله تعالى ، وهو يوجب البعد عن