بحوث المقام
بحث أدبي :
المعروف بين المفسرين أن الظرف (لبشر) في قوله تعالى : (ما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللهُ) خبر مقدم ، وجملة (أن يؤتيه الله) اسم كان مؤخر. ولكن يمكن أن يجعل (كان) تامة فلا تحتاج إلى الخبر أي لا تحقق لمثل ذلك ويمتنع ، فتدل الآية على نفي الوقوع بالفحوى. وتكون جملة (أَنْ يُؤْتِيَهُ اللهُ) لبيان الموضوع ، يعني أن هذا الموضوع يمتنع تحقق دعوى الألوهية فيه. فالآية تؤكد عدم تحقق مثل ذلك بلفظ كان في المقام ، ولا محذور في أن تكون الجملة بحسب الظاهر مفيدة لشيء ، وهي في الواقع تفيد شيئا أدق من ذلك.
وانما عطف عزوجل الجملة ب (ثم) في قوله تعالى : (ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِباداً لِي) لتعظيم الأمر ، أي أن هذا الإيتاء العظيم لا يجامع هذا القول أبدا وإن كان بعد زمان وفي مهلة.
و (لي) ظرف متعلق بمحذوف تقديره كائنا ، أي عبادا كائنين لي.
وقوله تعالى : (مِنْ دُونِ اللهِ) ظرف متعلق ب (عبادا) لأن فيه معنى الفعل ، ويحتمل أن يكون صفة ثانية.
و (ما) في قوله تعالى : (بِما كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ) مصدرية ، وإنما جعل الخبر مضارعا في الموردين لبيان الاستمرار على التعليم والدراسة والمثابرة عليهما.