الألوهية والمعبودية لنفسه ، لأنه فرض محال مشتمل على التناقض ، كما عرفت ، وهنا نفي لأمر خاص ، وهو اتخاذ الأرباب بعد فرض كون المخاطب مؤمنا بالله تعالى ، فيكون الأمر أمرا بالخروج عن الإيمان الى الكفر ، فتختلف الآيتان موردا وحكما ، وذلك يوجب الاختلاف في المخاطبين أيضا.
قوله تعالى : (أَيَأْمُرُكُمْ بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ).
الاستفهام للإنكار. والخطاب عام لكل من آمن بالله تعالى وانقاد له عزوجل ، واستسلم لأمره ، واعترف بدعوة الأنبياء ، فيشمل أهل الكتاب ، وكل من يدعي الانتساب إلى دين سماوي : والمراد بالإسلام هو دين التوحيد ، والطاعة والانقياد لله عزوجل نظير قوله تعالى : (إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللهِ الْإِسْلامُ) آل عمران ـ ١٩.
والمعنى كيف يأمر الأنبياء باتخاذ الملائكة والنبيين أربابا مع انكم تعتقدون بالله الواحد الأحد وتعبدونه ، فان ذلك كفر وضلال ، وهم لا يأمرون بالكفر. والآية تنفي كل أنحاء الشرك في العبادة.
وذكر جملة من المفسرين أن الخطاب للمسلمين الذين اعترفوا بنبوة نبينا الأعظم (صلىاللهعليهوآله) ، فإنهم المسلمون. فيكون أمرا بالكفر بعد الإسلام وأيدوا ذلك بما ورد من انهم قالوا له (صلىاللهعليهوآله) : أفلا نسجد لك؟ فنزلت هذه الآية.
وفيه : إن الإسلام في التنزيل غير ما هو المصطلح بعد النزول. فان المراد به الإذعان بالتوحيد والانقياد بالطاعة الذي هو دين الفطرة التي دعى الأنبياء إليها ، وقد تقدم الكلام فيه مفصلا. فراجع آية ١٩ من هذه السورة.