ويحرم نقضها ، والغدر بها.
والمراد من (اتقى) ملازمة تلك العهود ومراعاتها عملا وإظهارها خارجا ، وترك الخيانة فيها والغدر بها.
والمعنى : إنكم ـ يا أهل الكتاب ـ أخطأتم في دعواكم بل السبيل ثابت عليكم في جميع ما نفيتم عنه السبيل ، وأن من أوفى بعهده ، وأتقى الله تعالى في دينه ، ولم يغدر ولم يخن في عهوده ولم يخالفه ، فان الله يحب المتقين.
قوله تعالى : (فَإِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ).
قضية عقلية مشتملة على المعلول وعلته ، وهي تبين أن من اوفى بعهد الله تعالى ، واتقاه عزوجل بالطاعة والانقياد له ، وعدم مخالفته في أمر من الأمور يكون من المتقين ، والله يحب المتقين.
ومحبة الله تعالى هي غاية الكمالات الانسانية ، بل لا يتصور فوقها كمال ، وهي السعادة القصوى التي تعمر بها الدنيا ، وتصلح الآخرة وهي الكرامة الربانية التي لا يمكن أن ينالها إلا من جاهد فيه حق جهاده وقد قرر سبحانه إنها تحصل بالوفاء بعهده تعالى ، والتقوى في الدين التي هي الحصن الذي يمنع التعرض لسخطه تعالى وغضبه ، والوقوع في محارمه ومخالفته. ولا يمكن أن يحظي بمحبته كل مدع ومحتال.
وانما ذكر سبحانه المتقين لبيان أن العلة للمحبة هي التقوى. كما أن فيه التعرض لأهل الكتاب بأنهم ليسوا على التقوى.