بملء مسك ثور ، والكثرة من الأمور النسبية تختلف باختلاف الأعصار والأمصار ، ولعل اختلاف العلماء في معناه ناشئ من ذلك ، وتقدم بعض الكلام فيه في قوله تعالى : (زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَواتِ مِنَ النِّساءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَناطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ) آل عمران ـ ١٤.
والدينار لفظ أعجمي ، ويلؤه بدل عن نون ، وأصله دنّار ، فأبدل أول النونين ياء لوقوعه بعد كسرة ، وجمعه دنانير ، وهو مثقال شرعي من الذهب المسكوك ويساوي ٢٥ و ٤ غرام من الذهب وزنا في هذه الأعصار. والمراد من القنطار والدينار في المقام المعنى الكنائي وهو المال الكثير ، والقليل.
والمعنى إن من أهل الكتاب من لا يخون في الأمانة ولو كانت كثيرة ومنهم من يخونها وإن كانت قليلة.
والآية تبين العادة التي جرت عليها الطائفتان من أهل الكتاب فلا تختص بمورد خاص وأفراد معينين.
والترديد باعتبار اختلاف أهل الكتاب في حفظ الامانة ورعاية العهد ، وانهم على طرفي نقيض ، فان بعض أهل الكتاب يحفظ الأمانات ويراعى العهود مطلقا بلا فرق بين أن تكون الامانة من أهل ملتهم ، أو تكون من غيرهم ، وسواء كانت حقيرة أو خطيرة ، ومنهم على نقيض ذلك لا يحفظ العهد ، ولا يؤدي الامانة إن أؤتمن عليها مطلقا.
وانما قطع سبحانه هذه الآية عن الآيات السابقة ، ووضع الظاهر موضع المضمر وقال تعالى : (وَمِنْ أَهْلِ الْكِتابِ) دون «ومنهم» لبيان أن هذه الطائفة التي تحفظ الأمانات غير الطائفة السابقة التي تخادع المؤمنين وتكيدهم بقولها (آمِنُوا بِالَّذِي أُنْزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَجْهَ