الملك يمنحه من يشاء من عباده.
وما فضّله الله تعالى اليهود ببعض النعم ، ومنحهم الملك والنبوة قال تعالى : (يا بَنِي إِسْرائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعالَمِينَ) البقرة ـ ٤٨. لا يستلزم اختصاصهم بالفضل وحرمان غيرهم منه فان الملك والفضل بيد الله يعطيه من يشاء من خلقه ، ويمنعه عمن يشاء.
قوله تعالى : (وَاللهُ واسِعٌ عَلِيمٌ).
برهان قويم على بطلان مقالاتهم وحججهم في كتمان الحق. أي والله واسع في فضله ورحمته لا يحدّهما شيء إلا أن يكون التحديد في الموضوع والمفضل عليه ، عليم بخصوصيات فضله ، واستعداد الموضوع وقابليته وهذا من القواعد العقلية المسلمة المعروفة ، من أن الإفاضات لا بد أن تكون بقدر القابليات ، والله تعالى عليم بتلك القابليات لا يجهلها. والآية تدل على أن الفضل غير محدود بشيء فلا يوصف بالقلة مطلقا فلا يلزم من إعطائه لأحد انزوائه ومنعه عن آخر ، أو يحتاج إلى التماس مرجح لقلته وعدم وفائه للمجموع ، بل الحدّ انما يكون من ناحية الموضوع والمفضل عليه ، فتستفيض الموضوعات بقدر الاستعدادات وهو عليم بها.
فتكون الآية ردّا على أقوالهم وأفعالهم الفاسدة من تخصيص النعمة والفضل لأنفسهم حسدا وبغيا ، كما أن الآية الشريفة ردّ واضح لمقالة اليهود التي حكاها عزوجل عنهم «قالوا (يَدُ اللهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِما قالُوا بَلْ يَداهُ مَبْسُوطَتانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشاءُ) المائدة ـ ٦٤.