قوله تعالى : (يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشاءُ).
لمّا اثبت سبحانه أن الفضل بيده يؤتيه من يشاء ، واسع في إيتاء الفضل ، عليم بمواضعه. ذكر هنا أنه لم يمنعه أحد من ذلك ، ولا شيء يصرفه عن الرحمة بعباده فله أن يتصرف في ملكه بأي نحو أراد فيختص برحمته من يشاء منهم لعلمه بأهليته لها ، ولكن ليس كل أحد من عباده يستحق الفضل منه عزوجل ، فتكون الرحمة تحت إرادته ومشيته.
وإنما عدل سبحانه عن الفضل ، وذكر الرحمة هنا لبيان أن الأول من شعب رحمته ، وأوسعيتها من الفضل ، لقوله تعالى : (وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ) الأعراف ـ ١٥٦. ويمكن أن تكون الرحمة استحقاقية بخلاف الفضل فانه ليس كذلك مطلقا.
وإنما اطلق سبحانه الرحمة لتشمل كل ما يكون دخيلا في سعادة الإنسان دنيا وآخرة أو هما معا.
قوله تعالى : (وَاللهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ).
تعليل لجميع ما تقدم ، فان عظمة الفضل تستلزم أن يكون واسعا يشمل كل جهات الفضل ، وكل من يريده عزوجل وتتعلق به مشيته ويعلم بأهليته لهذه المنحة الربانية فيختص برحمته من يشاء من عباده ، ويعطيه ما هو اللائق بحاله. والفضل هنا يشمل الرحمة أيضا.