البراءة ـ ٦١. فيكون تصديقا خاصا لا يكون في مطلق الايمان ، ويكون المراد من النهي هو عدم التصديق والركون إلى المؤمنين.
والمعنى وقالت طائفة من أهل الكتاب ـ وهم اليهود على ما عرفت ـ لطائفة أخرى منهم لا تثقوا بغيركم فتظهروا أحاديثكم لأحد منهم وتلقون اليه السر الذي أودعه الله فيكم ، فيكون النهي نهيا عن افشاء ما عندكم من الحق ، وقد أخبرهم الله تعالى بظهور النبي (صلىاللهعليهوآله) ، وجعل معجزته في فيه ، وظهور الشواهد الكثيرة على صدقه.
وإنما نهوهم عن ذلك لما ذكره عزوجل في ما يأتي ، وهو لئلا يكون للمسلمين مثل ما عندهم من الحق ، أو تكون لهم الحجة.
وهذا هو كتمان الحق الذي عرفت به اليهود ، وانما قالوا ذلك تعصبا منهم في حصر الحق في أنفسهم ، وحسدا منهم بأنهم أولى بالحق من غيرهم ، وكيدا بالمؤمنين.
وحينئذ فلا يختص هذا المكر باليهود فقط فكل من تعصب لنفسه وغلبت عليه العصبية يخفي الحق ولا يظهره لأحد من غير ملته ، فتشمله الآية الكريمة.
قوله تعالى : (قُلْ إِنَّ الْهُدى هُدَى اللهِ).
جملة اعتراضية بين اقوال الكائدين جيء بها للتأكيد على عدم إضرار كيدهم بمن لطف به الله تعالى ، ولتثبيت إيمان المؤمنين ، والتعجيل في تقريعهم ، والاهتمام ببيان فساد ما ذهبوا اليه ، وتسفيها لآرائهم. والآية جواب عن جميع ما قالوه في الكيد بالمؤمنين وغوايتهم.
ونظير هذه الآية ما تقدم في سورة البقرة ، قال تعالى : (قُلْ