على رسوله الكريم أول النهار الذي يوافق أهل الكتاب ، واكفروا بالوحي النازل عليه (صلىاللهعليهوآله) آخر النهار الذي يخالف ما هم عليه ، فيكون الايمان والكفر متعلقين بشيء خاص ، وهو الوحي الموافق والمخالف. وحينئذ يكون من وضع الظرف موضع المظروف. وأيّد ذلك ببعض الروايات.
وقيل : إن ذلك كان في شأن القبلة لما حوّلت الى الكعبة حيث ثقل ذلك على اليهود ، فأمر اشرافها جماعة منها بالصلاة الى القبلة ، الجديدة ، والإيمان بهذا التكليف الجديد أول النهار ، والكفر آخره لعل المؤمنين يرجعون عنه.
والحق أن يقال : أن الآية لا غموض فيها ولا إجمال ، وهي تثبت هذه المكيدة لليهود التي صدرت عنهم مرات عديدة وبأساليب مختلفة وقد ذكرنا انها من الحرب النفسية التي شنتها ضد المسلمين ، وهي عامة تشمل جميع ما ذكر فلا وجه للتخصيص بشيء من ذلك.
ويحتمل أن يكون المراد من الآية الشريفة هو المعنى الكنائي أي المكر والخديعة بهذا النحو مع المسلمين فحينئذ لا يلاحظ المعنى المطابقي بل يكون من إحدى صغريات المعنى الكنائي ، كما هو معروف في علم الأدب. وحينئذ لا وجه لما ذكره المفسرون في الاختلاف في المتعلق.
قوله تعالى : (وَلا تُؤْمِنُوا إِلَّا لِمَنْ تَبِعَ دِينَكُمْ).
غواية أخرى لأهل الكتاب وسبيل آخر من سبل اضلالهم ، والجملة من أقوالهم التي أرادوا بها الكيد بالمسلمين.
والايمان يتعدى بالباء ـ وهو كثير ـ وقد يتعدى باللام فيفيد التصديق ، والثقة ، والركون ، قال تعالى : (وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ)