الحنيفية واسلافه من الأنبياء السابقين والموحدين الصالحين.
وفي الآية المباركة التعريض لأهل الكتاب بأنهم لم يتبعوه فليسوا اولى بإبراهيم (عليهالسلام) فكيف يكون منهم.
قوله تعالى : (وَهذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا).
اي : ومن المتأخرين هذا النبي والمؤمنين به فان دينه على الحق ، وانه من أكبر الداعين إلى الحنيفية التي دعى إليها ابراهيم (عليهالسلام) بل ان دينهما واحد.
وفي إفراد النبي والمؤمنين به عن الذين اتبعوه تجليل لهذا النبي العظيم وصون له من ان يطلق عليه الاتباع. هذا إذا جعلنا قوله تعالى : (وَهذَا النَّبِيُّ) جملة معطوفة على الضمير المفعول.
وقيل : الجملة معطوفة على الموصول قبله فيكون من عطف الخاص على العام.
وقيل : انه معطوف على ابراهيم فتكون الجملة مجرورة. والمعنى ان اولى الناس بإبراهيم وهذا النبي للذين اتبعوه. واعترض عليه أنه ينبغي أن يثنى ضمير (اتبعوه). ولكن أجيب بانه نظير قوله تعالى : (وَاللهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ) التوبة ـ ٦٢.
والحق أن الاعتراض ساقط ، لأن الضمير المنصوب في قوله تعالى : (اتَّبَعُوهُ) يرجع إلى خصوص ابراهيم (عليهالسلام). وكون نبينا الأعظم (صلىاللهعليهوآله) مقصودا أيضا في واقع المراد ، لا يوجب تثنية الضمير في ظاهر اللفظ ، مضافا إلى انه يلزم الفصل بين العامل والمعمول بأجنبي. فالصحيح ما ذكرناه ، وهو الموافق لأدب القرآن في خاتم الأنبياء والمرسلين مثل قوله تعالى : (أُولئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللهُ فَبِهُداهُمُ اقْتَدِهْ) الانعام ـ ٩٠ ولم يقل عزوجل فبهم اقتده.