ـ ١٩ بعض الكلام.
وقد وصف الله سبحانه وتعالى ابراهيم (عليهالسلام) بأوصاف ثلاثة كل واحد منها يدل على بطلان ما تدعيه اليهود والنصارى والوثنية المشركة ، ففي توصيفه بكونه حنيفا لأجل كونه تاركا لكل العقائد الزائفة ومائلا إلى التوحيد الحق كما تقدم ، وفي توصيفه بكونه مسلما لبيان انه منقاد للحق وداخل في طاعة الله تعالى مخلص له خاضع لوجهه الكريم ، وفي توصيفه بكونه لم يكن من المشركين للاعلام بانه لم يكن من عبدة الأصنام ولا من الحنفية الوثنية كما كانت عليه عرب الجاهلية ، وفيه التعريض بأنهم مشركون فتكون الجملة تأكيدا لما تضمنه الكلام السابق ، كما ان فيه التنبيه على أن الحنفية المصطلحة بين عبدة الأوثان لم تكن مرادة بل المراد هي الحنفية الحقة التي جاء بها ابراهيم.
ويستفاد من الآية الشريفة ان ابراهيم (عليهالسلام) الذي اتفق على إجلاله وإكرامه جميع الأديان انما هو المرضي لله تعالى والمستسلم لأمره لم يكن على ملة احد منهم ، وبهذا الاعتبار صار موضع احترام وإجلال جميع الأديان بل يعتبر أصلها ومؤسسها.
قوله تعالى : (إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْراهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ).
اولى افعل التفضيل من وليه يليه وليا وهو بمعنى اقرب. اي : اقرب الناس إلى ابراهيم في الدخول في ولايته من كان متبعا له ، فإذا كانت نسبة بين احد وبين هذا النبي العظيم المبجل فإنما هي نسبة المتابعة له في حق وموافقته في الدين الذي جاء به ، ومن استحق هذه الأولوية من المتقدمين من أجاب دعوته واهتدى بهديه واتبعه على