عند الجميع ، بل هو معروف عند الأديان الثلاثة ، إلا ان النزاع يرجع إلى ان اليهود تدعى ان الدين الحق هو اليهودية فقط وان ابراهيم يهودي ، والنصارى تدعي ان الدين الحق هو النصرانية وان ابراهيم هو الذي أسسها. فالنزاع بينهم في تعيين الدين الذي أسسه ابراهيم لا في كونه المؤسس للدين الحق وانه لا يجهله احد منهم.
والحق ان يقال : ان ما كان يجهله اليهود والنصارى هو ادعاء اليهود الألوهية في بعض أنبيائهم كما زعموا في عزير ابن الله وادعاء النصارى في عيسى ابن الله أو هو الإله أو التثليث ، وقد جهلوا جميعا ان المخلوق المربوب لا يمكن ان يكون إلها وان الله تعالى هو الا له الواحد الأحد.
مع ان الآية الشريفة تدل على امر أبعد من ذلك وهو ان التشبث بأمور معلومة لا تجعل المستحيلات أمورا ممكنة بالمغالطة فجميع ما زعموه مغالطة بين الحق الواقعي والوهم الاعتقادي وهم بمعزل عن الواقع مع تشبثهم بهذه الأوهام.
قوله تعالى : (وَاللهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ).
تأكيد لنفي العلم عنهم اي : والله يعلم الحق واهله وما أنتم عليه من تلبيس الحق بالباطل ومغالطتكم فيه وأنتم لا تعلمون شيئا ولستم بأهل لان يعلمكم الله تعالى شيئا لجحودكم وضلالكم.
والآية الشريفة دليل على ان كل علم ما لم ينته إلى العلوم التي اودعها الله تعالى في الفطرة أو ما أوحاه إلى أنبيائه لم يكن منتجا بل لا يكون إلا من المغالطات والأوهام كما أثبته أكابر الفلاسفة.