بكل ما وعده الله تعالى في الدنيا والآخرة وقد جعلوا اسم الدين سبيلا لنيل مقاصدهم يستدرون به حيث ما درت معايشهم ، وإذا لم يسعدهم الحظ انقلبوا على أعقابهم ، وقد وصفهم الله تعالى بأوصاف بعضها ترجع إلى عقيدتهم ونفوسهم المريضة وهي الظن بالله تعالى الظنون الباطلة كالشك وإضمار ان الله تعالى وكل إليهم امر النصر ووعدهم الظفر وهو لا يرضى بظهور أعدائه. وقد أبطل سبحانه وتعالى مزاعمهم واظهر عقائدهم الفاسدة ولا تختص الآية المباركة بعصر النزول بل انها جارية إلى يوم القيامة.
الثامن : يتضمن قوله تعالى : (قُلْ إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ) دستورا الهيا وحقيقة من الحقائق الواقعية التي يشهدها الإنسان في الحياة وهي ان كل امر في هذا النظام الكياني يجري تحت ارادته ومشيته ووفق قانون محكم وسنة منتظمة لا يمكن التخلف عنها فان الله تعالى خالق كل شيء وبيده ملكوت كل شيء وخلقه انما يكون تحت ارادة حكيمة ووفق تدبير ربوبي ، والاعتقاد بهذا الأمر يخفف عن الإنسان كثيرا من الهموم ويذلل له جملة من الصعاب وقد ذكر سبحانه وتعالى هذه الحقيقة في مواضع كثيرة من القرآن الكريم وجعلها من جملة الأمور التي يجب على المؤمن الاعتقاد بها وفي الآيات التالية يبين عزوجل بعض مظاهر هذه الحقيقة.
التاسع : يستفاد من قوله تعالى : (وَلِيَبْتَلِيَ اللهُ ما فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحِّصَ ما فِي قُلُوبِكُمْ) ان الابتلاء والاختبار والتمحيص من غايات قتل من يبرز إلى مضجعه بارادة الله تعالى ومشيته ، فان ذلك سنة لا يمكن التخلف عنها. وان السعادة والشقاوة لا تظهران إلا بهذه السنة الإلهية. وقد ذكر عزوجل في المقام ان الابتلاء انما كان لإظهار