إلى الثبات والمقاومة لشيوع خبر قتله وانتشاره بينهم.
الخامس : يستفاد من قوله تعالى : (فَأَثابَكُمْ غَمًّا بِغَمٍّ) على ان للمعاصي والذنوب آثارا خاصة تؤثر في النفس وتوجب الهموم والغموم وان لكل ذنب الأثر الخاص به كما ستعرف.
السادس : يدل قوله تعالى : (ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُعاساً) على ان نزول النعاس كان معجزة خاصة للطائفة المؤمنة وان الله تعالى اظهر قدرته وعنايته بهم في إنزال ما يوجب السكون والطمأنينة والأمن في حال تقتضي الحركة والاضطراب ولا يتصور فيها السكون فضلا عن النعاس فالمعجزة تظهر في جعل الفائدة والأثر في الأمر المضاد لتلك الحالة ظاهرا.
ويمكن ان يكون المراد من النعاس حالة الراحة والاسترخاء والسكون الموجبة للأمن. والمعروف انه كان المؤمن منهم بعد إنزال النعاس ينام حتى تحت ترسه كأنه آمن بخلاف غيره فانه أهمتهم أنفسهم فلم يكرمهم الله تعالى بهذه المكرمة. ونظير هذه النعمة نزلت في غزوة بدر قال تعالى : (إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعاسَ أَمَنَةً مِنْهُ) الأنفال ـ ١٢ إلا ان الفرق بينهما ان في أحد كانوا أحوج إلى الأمن من يوم بدر لشدة الدهشة والذعر فاقتضى تقديم الأمن في هذه الآية المباركة بخلاف غزوة بدر فابدل الله تعالى حالة الذعر والخوف إلى حالة الأمنة والطمأنينة.
السابع : ترشد الآية الكريمة (وَطائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ) إلى ان في كل أمة طائفتان الأقوياء في الايمان الثابتون فيه المعتقدون بحدوده وأحكامه العاملون بها الذين قد فوضوا أمرهم إلى الله تعالى فمنحهم سعادة الدنيا والآخرة. والطائفة الثانية هم الضعفاء في الايمان الذين يعتقدون ان مجرد الانتساب إلى الدين وانتحال اسمه يكفي في فوزهم