الحاصل من الاعتقاد بغير الله تعالى ، لان الجملة الاولى تفيد نفي الشرك في العبادة وهذا غير كاف في قطع الشرك الحاصل من اعتقاد النبوة والايمان بالرسل والنبيين وتوهم الحلول والتثليث ونحو ذلك.
كما انها تدل على الخلوص في العبادة والاعتقاد ، فان الاعتقاد بعبادة الله تعالى لا يصير العبادة خالصة ما لم يطرح كل رأي واعتقاد فيه شائبة الشرك ويؤكد ذلك النهي عن اتخاذ الأرباب من دون الله كما في الآية التالية.
قوله تعالى : (وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنا بَعْضاً أَرْباباً مِنْ دُونِ اللهِ)
الأرباب جمع الرب ، ومن دون الله اي من غير الله.
والآية المباركة في مقام بيان السبب في النهي عن اتخاذ الشريك لله تعالى. وهي تفيد التوحيد الفعلي ، لان الله تعالى هو الرب يفعل ما يشاء بحكمته ويحكم ما يريد بعدله لا مبدل لحكمه ، وان العالم وجميع ما فيه مخلوق له عزوجل ومربوب له لا يمكن ان يخضع إلا لواحد له من الكمال والجلال ما لا يوجد لغيره. فالربوبية من خصائص الألوهية والشرك لا يجامعها بوجه من الوجوه.
فالآية الشريفة تنفي إطاعة الإنسان لمثله في التشريع والتصرفات من دون معارضة فان ذلك من اتخاذ الرب من دون الله لا يقدم عليه من يعترف بالربوبية لله تعالى ويسلّم امره اليه عزوجل. وهي عامة تشمل أنحاء الاتخاذ. كما تشمل البعض جميع أنواعه واقسامه بأي عنوان كان من الاعتبارات الموهومة في الربوبية أو الإطاعة في الاحكام والتشريع والتصرف في الأبدان من دون معارضة وانعكاس ويشير إلى بعض ذلك قوله تعالى في موضع آخر (اتَّخَذُوا أَحْبارَهُمْ وَرُهْبانَهُمْ أَرْباباً