ما أمرهم الله تعالى وخرجوا عن الجماعة فأوجب التباغض بينهم والتباين في آرائهم والاختلاف في عقائدهم فصاروا شيعا وأحزابا وفي ذلك زوال سعادتهم ووقوعهم في الشقاق والنفاق والحروب والمنازعات فتذهب كرامتهم واستقلالهم وامنهم وأمانهم.
ويستفاد من الآية الشريفة ان الاختلاف المذموم هو ما إذا كان البغي والضلال واما غيره فلا ضرر فيه بل هو ضروري لاختلاف الافهام والإدراكات ويكون سببا للرقي والاستكمال ولكن لا بد ان لا يصل إلى حد يوجب التباغض والتنافر.
قوله تعالى : (لَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ).
جملة استينافية هي نتيجة للسابق أي : ان الذين افترقوا واختلفوا في دين الله لهم عذاب عظيم جزاء لظلمهم وعدوانهم لما اوجدوا من التفرق والاختلاف.
وانما ختم سبحانه وتعالى هذه الآية الشريفة بهذه الجملة مقابلة للآية السابقة فان النتيجة إذا كان فيها الفلاح والنجاح فلا محالة يكون في عكس ذلك الخسران والعذاب.
قوله تعالى : (يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ).
تفريع على التقسيم السابق وبيان لجزاء الطائفتين المتقدمتين ويكون التقسيم من اللف والنشر المشوش المصطلح عليه في علم البديع فتكون الوجوه المفلحين مبيضة ووجوه الظالمين مسودة.
وانما ذكر عزوجل الوجوه من بين سائر الأعضاء اعلانا لرفعة شأن المفلحين في الآخرة حتى يعرفهم جميع اهل المحشر وينظروا إليهم وتبيينا لخسة الظالمين وإذلالهم حتى يكونوا منفعلين في الآخرة كما كانوا