الكل لا البعض فراجع ما ذكرناه في (مهذب الاحكام) ويدل على ما ذكرناه ذيل الآية الشريفة الظاهر في الرجوع إلى الموصوفين بهذه الصفة.
قوله تعالى : (وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ).
جملة استينافية اي الداعون إلى المعروف والناهون عن المنكر هم الكاملون في الفلاح ، كما هو قضية الحصر.
ويستفاد من الآية الشريفة كمال الأهمية لهذا التكليف الالهي والمنصب الرفيع بل هما من مناصب الأنبياء والأوصياء والأولياء الصالحين وقد ورد في فضلهما روايات كثيرة يأتي في البحث الروائي نقل بعضها ، ولهما شروط وآداب كثيرة يستفاد بعضها من هذه الآية الشريفة والبقية من غيرها.
ويستفاد من مجموع الادلة الواردة في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كتابا وسنة ان هذه الدعوة من صفات الباري جل جلاله كالحكم بين الناس بالعدل ، وقد فوّض الله تعالى ذلك إلى أنبيائه واوصيائه والقائمين مقامهم ، وهذه الدعوة ترجع إلى التخلق بأخلاق الله تعالى والتخلي عما لا يرضاه الله والتحلي بما يرضاه ، وتفاني الدنيا في عالم العقبى فيصير الكل باقيا ببقاء الله تعالى ولعل ما ورد في الحديث :
«الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر خلقان من خلق الله تعالى من احياهما أحياه الله تعالى» يرجع إلى ذلك فان الخلق انما يعتبر في مرتبة الفعل لا في مرتبة الذات ، والمراد بالاحياء الأعم من الأحياء الدنيوي والاخروي وسبب الأحياء معلوم لأنه اتصال فعلي بالحي القيوم.