الشرع هو الخير والشر المعروفان عند العقل وتدعو إليهما الفطرة.
وقيل ان عطف الأمر بالمعرف وو النهي عن المنكر على دعوة الخير هو من عطف الخاص على العام فيكون من قبيل عطف أفضل الإفراد على الكلي. ولا ينافي ذلك ما ذكرناه.
وكيف كان فالآية الشريفة تدل على وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بلا شك في ذلك.
وانما البحث والخلاف في كونه كفائيا أو عينيا والظاهر انه يرجع إلى دلالة «من» فقيل انها للتبعيض ، فيكون الوجوب كفائيا.
وقيل انها بيانية. والمعنى : كونوا امة كذلك فيكون الوجوب عينيا وسياق الآية الشريفة يدل على الاول ، ويرجحه ان الدعوة إلى الخير والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر انما تكون واجبة لأجل البعث على الطاعات والزجر عن القبائح والمعاصي ولا معنى لوجوبهما بعد حصول الغرض من البعض ، فالخطاب وان كان متعلقا بالجميع لكن الغرض يحصل من أي فرد كان ، وبما ان المقام يحتاج إلى التعاضد والتعاون حتى يكون له التأثير القوي في حصول الغرض وليسا كغيرهما من الواجبات كان الأمر متعلقا بالجميع ، وبعد ذلك فلا وقع للنزاع في كون «من» تبعيضية أو بيانية فان الأمر متعلق بالجميع بقدر ما يتعلق بالإفراد والبعض ، فان هذا التكليف لطف الهي يتعلق بالجميع ولا بد من التعاضد والتعاون ولا يمكن ترك القائم به لوحده والاعراض عنه وقد ذكرنا في الأصول انه لا فرق بين الوجوب الكفائي والوجوب العيني بحسب ذات الوجوب وانما الفرق بينهما باعتبار سقوط التكليف عن الكل بعد قيام البعض به في الاول دون الثاني وهذا يكون من باب تعدد الدال والمدلول لا باعتبار حقيقة الوجوب ولذا اشتهر بين الفقهاء ان في ترك الجميع للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يعاقب