عليهم الاجتماع والتآلف.
قوله تعالى : (وَكُنْتُمْ عَلى شَفا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْها).
عطف على (كُنْتُمْ أَعْداءً) وهذا هو الدليل الثالث المبني على البرهان. وشفا حفرة اي طرف الحفرة وحافتها ، فان شفا كل شيء جرفه وحافته. ومنه حديث علي (عليهالسلام) : «نازل بشفى جرف هار» أي جانبه وفي المأثور : «لا تنظروا إلى صلاة احد ولا إلى صيامه ولكن انظروا إلى ورعه إذا شفى» أي اشرف على الدنيا وأقبلت عليه ويقال : «أشفى على الهلاك» أي ورد على شفاه وقيل ان كلمة «شفى» لا تستعمل إلا في الشر.
وقد تستعمل في القليل أيضا يقال «ما بقي منه إلا شفا» أي قليل ويثنى على شفوين والجمع اشفاء ويضاف إلى الأعلى وإلى الأسفل. وكنتم على شفا حفرة أي مشرفين على السقوط فيها.
والمراد من النار هي التي اوقدوها بأعمالهم ومعتقداتهم التي كانت سببا للنار الحقيقية وهي نار جهنم ونار الدنيا التي هي الحروب والمنازعات فإنها استعملت فيها كثيرا في المحاورات الصحيحة كقوله تعالى : (كُلَّما أَوْقَدُوا ناراً لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللهُ) المائدة ـ ٦٤.
وكيف كان فالآية الشريفة تبين حالهم في المجتمع الجاهلي الفاسد المبني على الضغائن والحروب والمنازعات والتنافر والافتراق كما تبين مآلهم الذي يصلون اليه وهو الدخول في النار في الآخرة وسلب الطمأنينة والأمن فقد جلبت لهم الشقاوة والعناء والزوال في الدنيا. وقد انقذهم الله تعالى من مآلهم الفاسد بالإسلام الذي جلب لهم الطمأنينة والأمن والرفاه والعيش الهنيء والسعادة وقد شاهدوا بدخولهم في الإسلام