عنه التفكر الصحيح ، ويشوه الحقائق. وقد اقام سبحانه ادلة ثلاثة على ما حث عليه من التذكر وندب اليه من التفكر اثنتان منها تشهد عليهما التجربة والثالث مبني على البرهان القطعي.
قوله تعالى : (إِذْ كُنْتُمْ أَعْداءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ).
هذا هو الدليل الاول وهو تذكر العداوة التي كانت سائدة في المجتمع الجاهلي الفاسد والبغضاء التي كانت قائمة بينهم وقد قاسوا مرارتها وكابدوا شدائدها وأهوالها فقد كانت الحروب والقتل والدمار والضغائن والأحقاد ملتهبة وبلغت ذروتها أبان الدعوة الاسلامية ، فألف عزوجل بين القلوب بالإسلام والرسول الكريم الأمين فزالت تلك الأحقاد وحل الصلح والوئام وقد تألفت قلوبهم وهو اكبر دليل على حقيقة الايمان بالله والاعتصام بحبله وتذكر نعمه فانه لو لا الإسلام لما ذاق الاجتماع حلاوة المحبة والاخوة ولما زالت مرارة العداوة والفرقة.
قوله تعالى : (فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْواناً).
هذا هو الدليل الثاني والاخوان جمع الأخ. وقيل ان اكثر ما يجمع أخو الصداقة على الاخوان ، والأخ في النسب على الاخوة وقد ورد في أخ الصداقة قوله تعالى : (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ) الحجرات ـ ١٠ وفي النسب قوله تعالى : (أَوْ إِخْوانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوانِهِنَّ) النور ـ ٣١ وقوله تعالى : (أَوْ بُيُوتِ إِخْوانِكُمْ) النور ـ ٦١.
والمراد بها وقوع التآلف في القلوب كعادة الاخوة الاشقاء في كونهم يدا واحدة بقلوب مؤتلفة. وفي تكرار هذه المنة التنبيه على ما ذكرناه والحث على التمسك بحبل الله والاعتصام به وتذكر نعمه التي توصلكم إلى السعادة وتهديكم إلى الرشاد فان في الاخوة التي منّها الله تعالى