سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُوا بِمُوسى وَمَنْ مَعَهُ أَلا إِنَّما طائِرُهُمْ عِنْدَ اللهِ وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ (١٣١) وَقالُوا مَهْما تَأْتِنا بِهِ مِنْ آيَةٍ لِتَسْحَرَنا بِها فَما نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ (١٣٢) فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمُ الطُّوفانَ وَالْجَرادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفادِعَ وَالدَّمَ آياتٍ مُفَصَّلاتٍ فَاسْتَكْبَرُوا وَكانُوا قَوْماً مُجْرِمِينَ (١٣٣))
قوله تعالى : (إِنَّا إِلى رَبِّنا مُنْقَلِبُونَ) أجابوا فرعون بعد تهديده لهم بالبلاء بهذه الآية ، أي نحن ذاهبون بنعت الشوق والمحبة إلى مشاهدة ربنا ، ولا نخاف من جميع البلاء لأن من عانيته لا يوثر فيه آلام البلاء ولا يحجبه عن رؤية المبلي.
قوله تعالى : (قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللهِ وَاصْبِرُوا) انظر إلى أدب موسى عليهالسلام كيف علّم قومه معاملة طريق الله أمرهم بالالتجاء إليه والاستعاذة به والاستغاثة به في تحمل مشقة الصبر ووجدان حسن الرضا في البلاء ، وأخبرهم أن من كان بالله صبر يكون مظفرا على جميع المراد ويكون خليفة الله في أرضه.
قال أبو عثمان : من استعان بالله في أموره ، وصبر على ما يلحقه في مسالك الاستعانة ، أتاه الفرج من الله ، قال الله استعينوا بالله واصبروا.
قال سهل : أمروا أن يستغيثوا بالله على أمر الله ، وأن يصبروا على أدب الله ، ولمّا أمرهم بالاستعانة والصبر شكوا عن عقوبة الأعداء لهم بقوله : (قالُوا أُوذِينا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَأْتِيَنا وَمِنْ بَعْدِ ما جِئْتَنا) ، فأجابهم بقوله : (قالَ عَسى رَبُّكُمْ أَنْ يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الْأَرْضِ).
أي : لو يصبرون على مخالفة نفوسكم ودفع شهواتكم وترك حظوظكم الدنيا وبه يذهب الله عن ساح قلوبكم التي هي مواضع المشاهدة غبار الهواجس النفسانية ، ويجعلكم خلفاء الله في أرضه وبلاده.
قال بعضهم : أعدى عدوك نفسك عسى الله أن يمكنك من قيامها ، ويفني عنها أهواءها ومراداتها الباطلة ، ويجعلك خليفة على جوارحك وقلبك أميرا عليك ، فتقهر النفس بما فيها وتستولي عليها وعلى مخالفتها ، فينظر كيف يعملون كيف معرفتك بشكر ما أنعم عليك.
(وَلَمَّا وَقَعَ عَلَيْهِمُ الرِّجْزُ قالُوا يا مُوسَى ادْعُ لَنا رَبَّكَ بِما عَهِدَ عِنْدَكَ لَئِنْ كَشَفْتَ عَنَّا الرِّجْزَ لَنُؤْمِنَنَّ لَكَ وَلَنُرْسِلَنَّ مَعَكَ بَنِي إِسْرائِيلَ (١٣٤) فَلَمَّا كَشَفْنا عَنْهُمُ الرِّجْزَ إِلى أَجَلٍ هُمْ بالِغُوهُ إِذا هُمْ يَنْكُثُونَ (١٣٥) فَانْتَقَمْنا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْناهُمْ فِي الْيَمِّ بِأَنَّهُمْ