السَّحَرَةُ ساجِدِينَ) (١) أي : صدقنا ما أخبر لنا بلسان موسى عليهالسلام وهارون عليهالسلام ، وشاهدنا مشاهدته عيانا ، بحيث لم يبق فينا معارضة الإنسانية ، وخطرات الشيطانية.
قال الواسطي : أدركهم سابق ما جرى لهم في الأزل من السعادة ، فأظهر منهم السجود.
وقال جعفر : وجدوا نسيم رياح العناية القديمة بهم فالتجاء وإلى السجود شكر وقالوا آمنا برب العالمين.
وقال أبو سعيد القرشي : نازع موسى عليهالسلام مع فرعون طول عمره وقد قال الله إنه ليس من أهل الإسلام ، ولكن منازعة موسى عليهالسلام مع فرعون كانت سبب نجاة السحرة حتى قالوا آمنا برب العالمين رب موسى عليهالسلام وهارون عليهالسلام.
قوله تعالى : (لَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلافٍ ثُمَّ لَأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ) هددهم فرعون بالبلاء ولم يعلم أنهم غرقوا في بحار رؤية المبلي متحملين بلاياه برؤية جماله ولو لا ذلك ما قالوا لن نؤثرك على ما جاءنا من البينات والذي فطرنا فاقض ما أنت قاض.
قال سمنون : يحمل الهياكل من البلايا على المشاهدة ما لا يحمله في حال الغيبة ، ألا ترى كيف لم يبال سحرة فرعون بما هددكم به من قوله : (لَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلافٍ).
(قالُوا إِنَّا إِلى رَبِّنا مُنْقَلِبُونَ (١٢٥) وَما تَنْقِمُ مِنَّا إِلاَّ أَنْ آمَنَّا بِآياتِ رَبِّنا لَمَّا جاءَتْنا رَبَّنا أَفْرِغْ عَلَيْنا صَبْراً وَتَوَفَّنا مُسْلِمِينَ (١٢٦) وَقالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ أَتَذَرُ مُوسى وَقَوْمَهُ لِيُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَيَذَرَكَ وَآلِهَتَكَ قالَ سَنُقَتِّلُ أَبْناءَهُمْ وَنَسْتَحْيِي نِساءَهُمْ وَإِنَّا فَوْقَهُمْ قاهِرُونَ (١٢٧) قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللهِ وَاصْبِرُوا إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُها مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَالْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ (١٢٨) قالُوا أُوذِينا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَأْتِيَنا وَمِنْ بَعْدِ ما جِئْتَنا قالَ عَسى رَبُّكُمْ أَنْ يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ (١٢٩) وَلَقَدْ أَخَذْنا آلَ فِرْعَوْنَ بِالسِّنِينَ وَنَقْصٍ مِنَ الثَّمَراتِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ (١٣٠) فَإِذا جاءَتْهُمُ الْحَسَنَةُ قالُوا لَنا هذِهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ
__________________
(١) أي : فسجدوا بسرعة عظيمة حتى كأن ملقيا ألقاهم بغير اختيارهم من قوة إسراعهم ، علما منهم بأن هذا من عند الله ، فأمسوا أتقياء بررة ، بعد ما جاؤوا في صبح ذلك اليوم سحرة. نظم الدرر للبقاعي (٦ / ٦٣).