إعدادات
تفسير عرائس البيان في حقائق القرآن [ ج ١ ]
تفسير عرائس البيان في حقائق القرآن [ ج ١ ]
المؤلف :أبي محمّد صدر الدين روزبهان بن أبي نصر البقلي
الموضوع :القرآن وعلومه
الناشر :دار الكتب العلميّة
الصفحات :542
تحمیل
عن شوائب نعوت الزائغين ، وصفات المتكبّرين ، بل هم موسومون بسيماء العبودية في محاضر الربوبيّة ، بقوله : (إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِهِ وَيُسَبِّحُونَهُ وَلَهُ يَسْجُدُونَ) : هم في نعوت العبودية عند بروز سطوات العظمة والفناء ، بشرط التنزيه في ظهور قدس القدم يتملّقون بنعت البهتة في كشوف جماله الأزليّ ، سبحان الذي حجبهم به عنهم ، ولولا ذلك ؛ لاحترقوا به فيه.
سورة الأنفال
بسم الله الرّحمن الرّحيم
(يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفالِ قُلِ الْأَنْفالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُوا اللهَ وَأَصْلِحُوا ذاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (١) إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذا ذُكِرَ اللهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ زادَتْهُمْ إِيماناً وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (٢) الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ (٣) أُولئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ دَرَجاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (٤) كَما أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقاً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكارِهُونَ (٥) يُجادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ بَعْدَ ما تَبَيَّنَ كَأَنَّما يُساقُونَ إِلَى الْمَوْتِ وَهُمْ يَنْظُرُونَ (٦) وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّها لَكُمْ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ وَيُرِيدُ اللهُ أَنْ يُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِماتِهِ وَيَقْطَعَ دابِرَ الْكافِرِينَ (٧) لِيُحِقَّ الْحَقَّ وَيُبْطِلَ الْباطِلَ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ (٨))
(يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفالِ) : لكلّ طائفة في طريق المجاهدة والقتال مع النفس فتح وغنيمة ، فغنيمة المريدين صفاء المعاملات ، وغنيمة المحبّين ذوق الحالات ، وغنيمة العارفين كشف المشاهدات ، والسؤال عن ذلك اقتباس نور الشريعة من مشكاة النبوّة ، واستعلام الأدب في طريق المعرفة لله ، هذه الكرامة لا بالاكتساب يؤتيه من يشاء.
(وَالرَّسُولِ) : الحكم فيه لجهة تربية الأمّة ، وأن الله تعالى مستغن عن الخليقة ، ورسوله يظهر في أداء رسالته عن حظوظ نفسه.
ثم حذّرهم بنفسه عن نفسه في طريقه ، ومواساة عباده ، بقوله : (فَاتَّقُوا اللهَ وَأَصْلِحُوا ذاتَ بَيْنِكُمْ) أي : اتقوا الله في طلبه ، ولا تلتفتوا إلى غيره ، وأسوأ قلوب إخوانكم يبدّل مهجتكم إليهم في مؤاخاتكم ، ومصادقتكم لله وفي الله.