التي هي من صفات من يميل قلبه إلى غير الله.
قال أبو حفص : الناصح الأمين الذي لا يكون له في نصيحته حظ لنفسه ولا طلب جاهه وإنما يكون مراده منه قبول النصيحة والنجاة بها.
(وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنا عَلَيْهِمْ بَرَكاتٍ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ وَلكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْناهُمْ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ (٩٦) أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنا بَياتاً وَهُمْ نائِمُونَ (٩٧) أَوَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ (٩٨) أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللهِ فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْخاسِرُونَ (٩٩) أَوَلَمْ يَهْدِ لِلَّذِينَ يَرِثُونَ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِ أَهْلِها أَنْ لَوْ نَشاءُ أَصَبْناهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَنَطْبَعُ عَلى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لا يَسْمَعُونَ (١٠٠))
(تِلْكَ الْقُرى نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبائِها وَلَقَدْ جاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ فَما كانُوا لِيُؤْمِنُوا بِما كَذَّبُوا مِنْ قَبْلُ كَذلِكَ يَطْبَعُ اللهُ عَلى قُلُوبِ الْكافِرِينَ (١٠١) وَما وَجَدْنا لِأَكْثَرِهِمْ مِنْ عَهْدٍ وَإِنْ وَجَدْنا أَكْثَرَهُمْ لَفاسِقِينَ (١٠٢) ثُمَّ بَعَثْنا مِنْ بَعْدِهِمْ مُوسى بِآياتِنا إِلى فِرْعَوْنَ وَمَلائِهِ فَظَلَمُوا بِها فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ (١٠٣) وَقالَ مُوسى يا فِرْعَوْنُ إِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ (١٠٤))
قوله تعالى : (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنا عَلَيْهِمْ بَرَكاتٍ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ) ولو أنهم شاهدوا ملكوتي واتقوا سوى جبروتي لتفتح على أرض قلوبهم أنوار مشاهدة صفاتي وذاتي حتى يروني في ملكوت الأرض والسماء بصفة اللطف والجمال ، وتنبت في صحاري قلوبهم رياحين الزلفة والقربة والشوق والعشق والمحبة واليقين والتجريد والمعرفة.
قيل : معناه لو أنهم صدقوا وعدي واتقوا مخالفتي ؛ لنورت قلوبهم بمشاهدتي وهي بركة السماء ، وزينت جوارحهم بخدمتي وهي بركة الأرض وقوله تعالى : (أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللهِ فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخاسِرُونَ) لله بكل قوم مكر ، فمكره بالعموم ممزوج بالقهر ، وهو أن يعطيهم أسباب العبودية ، ولم يوفقهم بها ويعطيهم لسان الشكر ، ولا يعرفهم حقائق استدراجه بسلب النعمة عنهم وأخلاهم بلا نعمة ولا شكر ، ومكره بالخصوص أن يلذّذ ما وجدوا منه في قلوبهم ، ويحجبهم بتلك الحلاوة عن إدراك ما فوق مقاماتهم من مكاشفة الغيوب في القلوب ، ومكره بالمحبين والعاشقين ظهور الصفات في الآيات وهو مقام الالتباس ، ومكره بالعارفين والموحدين أن يريهم نفسه على قدر قوة المعرفة والتوحيد ، ولا