المراقبات بقوله : (خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ) زينة العبد لباس العبودية الذي طرازها التواضع ، وسداه الاستقامة ، ولحمته الإخلاص قطع ذيله من الحدثين ، وقصر كمه من الأكوان ، وجيبه خشوع وعطفه خضوع وصاحبه منور بنور المآب مشرف بحسن الثواب ، فزينة التائبين الحرقة والبكاء ، وزينة الورعين التضرع والثناء ، وزينة الزاهدين سمات نور السجود على وجوههم ، وزينة العابدين سطوع نور الغيب من عيونهم ، وزينة المحبين الوله والهيجان ، وزينة المشتاقين الزفرة والهيمان ، وزينة العاشقين الوجد والغليان ، وزينة المستأنسين السكينة والوقار ، وزينة العارفين الهيبة والإجلال ، وزينة الموحدين الحيرة والفناء ، دانيهم في العبودية وعاليهم في الربوبية ، من أتى بالعبودية فلباسه لباس الأفعال ، ومن أتى بالربوبية فلباسه لباس الصفات ، ومن أتى بنعت القناعة مقبلا إلى قبلته القدم ، فلباسه لباس الذات فشتان بين الأحوال ، وشتان بين اللباس ، وشتان بين العباد
تزيّن النّاس يوم العيد للعيد |
|
وقد لبست ثياب الزرق والسود |
أصبحت في ترح والناس في فرح |
|
شتّان بيني وبين الناس في العيد |
قال الواسطي : (يا بَنِي آدَمَ) تغيّر كأنه يقول : يا بني النقص والعيب ، يرد ذلك عليهم حتى لا ينظروا إلى أنفسهم ، ولا يلتفتوا إليها.
وقال الأستاذ : على موجب الإشارة زينة العبد بحضور الحضرة ولزوم السدة والاستدامة لشهود الحقيقة.
ويقال : زينة نفوس العابدين آثار السجود ، وزينة قلوب العارفين أنوار الوجود ، فالعابد على الباب بنعت العبودية ، والعارف على البساط بحكم الحرمة ، فشتان بين عبد وبين عبد.
وقال : زينة النفوس مدار الخدمة ، وزينة القلوب حفظ الحرمة ، وزينة الأرواح الإطراق بالحضرة باستدامة الهيبة والحشمة.
ويقال : زينة اللسان الذكر ، وزينة القلب الفكر.
ويقال : زينة الظاهر السجود ، وزينة الباطن الشهود.
ويقال : زينة النفوس حسن المعاملة من حيث المجاهدات ، وزينة القلوب دوام المواصلات من حيث المشاهدات ، وأذكر هذه الزينة التي هي آثار قربة على أهل محبته الذين يلبسون لباس أهل البسط والأنس والانبساط من لبن الحب الذي لا يليق إلا بعشاق الله وعرائس بساط الله ، ويأكل أكل الحنانيين من أطيب المباحات في مقام الرفاهية غير بعد ذلك أهل إنكارهم الذين ينكرون أولياء الله بلبس الفاخرات ، وأكل الطيبات في مقام المشاهدات