الدين أي مثل هذه الطريقة له.
قال الجنيد : في هذه الآية أمر بحفظ السر وعلو الهمة وأن يرضى بالله عوضا ممّا سواه.
وقال رويم : خلاص الدعاء أن ترفع رؤيتك عن أفعالك.
وقال حارث المحاسبي : وإخلاص الدعاء إخراج الخلق من معاملة الله.
وقال أبو عثمان : الإخلاص لسان رؤية الخلق لدوام النظر إلى الخالق.
وقال بعضهم : الإخلاص دوام المراقبة ونسيان الحظوظ كلها.
وقال الأستاذ في قوله : (وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ) : الإشارة منه إلى استدامة شهوده في كل حالة وألا ينساه لحظة في كل ما يأتيه فنذره ويقدمه ويؤخره.
ولمّا أمر الكل بالعبودية الخاصة وخاطبهم بالوسائط بعد خروجهم من كتم العدم إلى ساحة الوجود على سمات القضاء والقدرة والشقاوة والسعادة والهداية والضلالة ، فأحالهم على سابق المشيئة.
أي : ليس كل من أقبل إلى العبودية فهو من أهل الوصال ، وليس كل من فرّ من مقام العبودية وأماته النفس في الطاعة إلى كدورة حظوظ البشرية فهو من أهل الفراق.
فإن الطاعة والمعصية خاصّان في البين ، ومن كانت فطرته فطرة المقبولين يكون مقبولا بأي صفة كان ، ومن كانت فطرته فطرة المطرودين يكون من المطرودين بأي صفة كان بقوله : (كَما بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ فَرِيقاً هَدى وَفَرِيقاً حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلالَةُ) بدأ الكل بسمتين سمة اللطف وسمة القهر ، فمن صحبة سمة لطفه لا يضره تصاريف التلوين ، ومن صحبة قهره لا ينفعه ظاهرة التمكين ، فيكونان بعد خروجهما من محل الامتحان على نعت فطرة الأزل فريقا في أنوار المعرفة وفريقا في ظلمة الطبيعة.
قال النوري : يجري عليكم في الأبد ما قضينا عليكم في الأزل.
وقال الحسين : لا تغتروا بما أجرى عليه من الأعمال ؛ لأن الأعمال قد توافق الخلقة وتخالف.
قال بعضهم : يعودون منه إليه أفقدهم لذّة الأشياء لوجوده ، وأخلصهم بعلمه عن علم من سواه ، وأعتقهم بإرادته عن إرادة الأغيار.
ولي هاهنا نكتة كما بدأكم بعضا في رؤية الجمال وقعوا في المعرفة ، وبعضا في رؤية الجلال وقعوا في النكرة ، أبواب عين نفس القدم ، وهناك تقصير الأفهام عن الإدراك بقيت في ضلال النكرة ، فريق بقي في نكرة النكرة أبدا ، وفريق بقي في معرفة المعرفة أبدا ، ولمّا ذكر سبحانه إقامة الوجوه بنعت العبودية في مساجد الشهود أمرهم بأخذ زينتها في مواقف