بحيث لا يدخل فيه نور البرهان والعرفان.
ثم زاد في وصفهم ، وعلّق الجميع بإرادته ، وقال : (أُولئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ).
قال الخواص في قوله : (وَمَنْ يُرِدِ اللهُ فِتْنَتَهُ) : من يرد الله افتراق أوقاته لم يملك جمعها له.
وقال ابن عطاء : من يحجبه الله عن فوائد أوقاته لن يقدر أحد إيصاله إليه.
قال أبو عثمان : أي بالمراقبة والمراعاة.
وقال أبو بكر الوراق : طهارة القلب في شيئين : في إخراج الحسد والغشّ منه ، وحسن الظنّ بجماعة المسلمين.
قوله تعالى : (سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ) وصف الله سبحانه أهل السالوس الذين في هذا الزمان يجلسون في الزوايا ، ويظهرون التزهد والتقشف ، ويطرحون على أعناقهم الطيالسة ، يسمعون مديح أهل الدنيا لهم ، مثلما قالوا : ليس في الدنيا مثلك يا شيخ ، وأنت كذا وكذا ، وهو يشتري غرورهم وأقاويلهم الباطلة ، وهم يمدحونه لأهل الشفاعة عند الأتراك ، ويجعلونه وسيلة إلى السلطان ، ويعطونه رشوة ؛ لاستجلاب مرادهم ، فهو يسمع الكذب ، ويأكل السحت ، طهّر الله وجه الأرض منهم ، ووقانا من صحبتهم وسوء أفعالهم ، فإنهم مرقوا من الدين ، وأكلوا الدنيا بالدين.
قال بعضهم : سمّاعون الدعوى الباطلة ، أكّالون للسحت يعنى أكّالون بدينهم.
(إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْراةَ فِيها هُدىً وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتابِ اللهِ وَكانُوا عَلَيْهِ شُهَداءَ فَلا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلا تَشْتَرُوا بِآياتِي ثَمَناً قَلِيلاً وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ (٤٤) وَكَتَبْنا عَلَيْهِمْ فِيها أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنْفَ بِالْأَنْفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصاصٌ فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (٤٥) وَقَفَّيْنا عَلى آثارِهِمْ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْراةِ وَآتَيْناهُ الْإِنْجِيلَ فِيهِ هُدىً وَنُورٌ وَمُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْراةِ وَهُدىً وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ (٤٦) وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الْإِنْجِيلِ بِما أَنْزَلَ اللهُ فِيهِ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ (٤٧))