اللهَ لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ يُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ وَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٤٠))
قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ) أي : اتقوا الله في النظر إلى غيره ، وابتغوا إليه الوسيلة بنعت التقوى ، ولا يكون عندكم الوسيلة إليه شيئا دونه ؛ لأنه هو الوسيلة إليه.
ألا ترى إلى قول الشاعر :
أيا جود معن ناج معنى بحاجتي |
|
فليس إلى معن سواه شفيع |
وسيلته محبته ومعرفته والاستعانة به عنه.
قال جعفر عليهالسلام : اطلبوا منه القربة.
قال الواسطي : لو كشف لهم ما عاملهم به لفسدت أوقاتهم ، وأوقاته من يفتدي بهم.
وقال : ما يتوسل به إليكم ؛ لقوله : (كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ) [الأنعام : ٥٤].
وقال الأستاذ : ابتغاء الوسيلة التبرؤ عن الحول والقوة ، والتحقق بشهود الطول والمنّة.
ويقال : ابتغاء الوسيلة التقرب إليه بما سبق إليك من إحسانه.
(يا أَيُّهَا الرَّسُولُ لا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قالُوا آمَنَّا بِأَفْواهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ وَمِنَ الَّذِينَ هادُوا سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَواضِعِهِ يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هذا فَخُذُوهُ وَإِنْ لَمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُوا وَمَنْ يُرِدِ اللهُ فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللهِ شَيْئاً أُولئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ لَهُمْ فِي الدُّنْيا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذابٌ عَظِيمٌ (٤١) سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ فَإِنْ جاؤُكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ وَإِنْ تُعْرِضْ عَنْهُمْ فَلَنْ يَضُرُّوكَ شَيْئاً وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (٤٢) وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ وَعِنْدَهُمُ التَّوْراةُ فِيها حُكْمُ اللهِ ثُمَّ يَتَوَلَّوْنَ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ وَما أُولئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ (٤٣))
قوله تعالى : (وَمَنْ يُرِدِ اللهُ فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللهِ شَيْئاً) قطع حبال أطماع الخليقة عن إضافة القدرة القديمة إليهم ؛ حيث أراد الفتنة بالمفتتن ، وفتنته بأن يشغل الطالب بنفسه ، ويوقعه في يد نفسه ، ويغريها إلى الشهوات المحببة القاطعة طريق الحق ، ويغرس أشجار الهوى في قلبه ، ويسقيها من مياه الغفلة حتى حيزت حومان القلب بظلمة الشهوات ،