بإخلاص القلب ، والرضا بحكمه ساء أم سرّ ، ومن لم يكن للنبي صلىاللهعليهوسلم مستقيما ظاهرا وباطنا وسرّا وعلنا وحقيقة ورسما كان بعيدا عن حقيقة الإسلام ومراتب المسلمين.
قال عبد العزيز المكي : أقسم الحبيب للحبيب بالحبيب أنهم لا يؤمنون حتى يحكموك ، فيا لها من شرف ، ويا لها من كرامة حارت فيه أوهام الخلائق ، وجعل نفسه لنفسه ، وجعل الرضا بحكمه كالرضا بحكمه ما وجب على خلقه الرضا ، والتسليم بحكم نبيه عليهالسلام ، كما أوجب عليهم الرضا والتسليم بحكمه ، فهكذا إنسان المتحابين.
قال بعضهم في هذه الآية : أظهر الحق على حبيبه خلعة من خلع الربوبية ، فجعل الرضا بحكمه ساء أم سرّ سبيلا لإيمان المؤمنين ، كما جعل الرضا بقضائه لإيقان الموقنين ، فأسقط عنه اسم الواسطة ؛ لأنه متصف بأوصاف الحق متخلق بأخلاقه ؛ ألا ترى كيف قال حسان : «فذو العرش محمود وهذا محمد» (١).
قال الأستاذ : سدّ الطريق إلى نفسه على الكافّة إلا بعد الإيمان بمحمد صلىاللهعليهوسلم ، فمن لم يمش تحت رايته فليس من الله في نفس.
ثم جعل من شرط الإيمان زوال المعارضة بالكلية بقوله : (ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ) ، فلا بدّ لك من ملقي المهالك بوجه ضاحك.
(وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيارِكُمْ ما فَعَلُوهُ إِلاَّ قَلِيلٌ مِنْهُمْ وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا ما يُوعَظُونَ بِهِ لَكانَ خَيْراً لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتاً (٦٦) وَإِذاً لَآتَيْناهُمْ مِنْ لَدُنَّا أَجْراً عَظِيماً (٦٧) وَلَهَدَيْناهُمْ صِراطاً مُسْتَقِيماً (٦٨) وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَالرَّسُولَ فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَداءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً (٦٩) ذلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللهِ وَكَفى بِاللهِ عَلِيماً (٧٠) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ فَانْفِرُوا ثُباتٍ أَوِ انْفِرُوا جَمِيعاً (٧١) وَإِنَّ مِنْكُمْ لَمَنْ لَيُبَطِّئَنَّ فَإِنْ أَصابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قالَ قَدْ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيَّ إِذْ لَمْ أَكُنْ مَعَهُمْ شَهِيداً (٧٢) وَلَئِنْ أَصابَكُمْ فَضْلٌ مِنَ اللهِ لَيَقُولَنَّ كَأَنْ لَمْ تَكُنْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ مَوَدَّةٌ يا لَيْتَنِي كُنْتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ فَوْزاً عَظِيماً (٧٣) فَلْيُقاتِلْ فِي سَبِيلِ اللهِ الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَياةَ الدُّنْيا بِالْآخِرَةِ وَمَنْ يُقاتِلْ فِي سَبِيلِ اللهِ فَيُقْتَلْ أَوْ يَغْلِبْ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً (٧٤) وَما لَكُمْ لا تُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجالِ وَالنِّساءِ وَالْوِلْدانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنا أَخْرِجْنا مِنْ هذِهِ
__________________
(١) رواه البخاري في التاريخ الصغير (١ / ١٣).