عنايتهم بالمندوب ، وحرصهم عليه ، حتى أفضى الحال إلى الرفق بهم فيه. ويدل عليه أثر عائشة في ربطهم الحبل للتعلق به ، استعانة على قراءة القرآن ، وكثرة تلاوته.
الثاني ـ قال ابن كثير : في قوله تعالى : (فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ) تعبير عن الصلاة بالقراءة ، كما قال في سورة سبحان (وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ) [الإسراء : ١١٠] ، أي بقراءتك. وقد استدل أصحاب الإمام أبي حنيفة رحمهالله ، بهذه الآية ، على أنه لا تتعين قراءة الفاتحة في الصلاة ، بل لو قرأ بها أو بغيرها من القرآن ، ولو بآية ، أجزأه. واعتضدوا بحديث (المسيء صلاته) الذي في الصحيحين (١) : ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن. وقد أجابهم الجمهور بحديث عبادة بن الصامت ، وهو في الصحيحين (٢) أيضا ، أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : لا صلاة إلا أن تقرأ بفاتحة الكتاب. انتهى.
الثالث ـ في قوله تعالى : (وَآخَرُونَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ) علم من أعلام النبوّة.
قال ابن كثير : هذه الآية ، بل السورة كلها ، مكية. ولم يكن القتال شرع بعد ، فهي من أكبر دلائل النبوّة ، لأنه من باب الإخبار بالمغيبات المستقبلة.
الرابع ـ قال ابن الفرس : في قوله : (وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللهِ) فضيلة التجارة ، لسوقها في الآية مع الجهاد.
أخرج سعيد بن منصور عن عمر بن الخطاب قال : ما من حال يأتيني عليه الموت بعد الجهاد في سبيل الله ، أحب إليّ أن يأتيني وأنا ألتمس من فضل الله. ثم تلا هذه الآية.
وقال السيوطي : هذه الآية أصل في التجارة.
(وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ) أي زكاة أموالكم.
قال ابن كثير : وهذا يدل لمن قال بأن فرض الزكاة نزل بمكة ، لكن مقادير النصب والمخرج لم تبين إلا بالمدينة.
(وَأَقْرِضُوا اللهَ قَرْضاً حَسَناً) يعني به بذل المال في سبيل الخيرات على أحسن
__________________
(١) أخرجه البخاري في : الأذان ، ٩٥ ـ باب وجوب القراءة للإمام والمأموم ، حديث رقم ٤٦١ ، عن أبي هريرة. وأخرجه مسلم في : الصلاة ، حديث رقم ٤٥.
(٢) أخرجه البخاري في : الأذان ، ٩٥ ـ باب وجوب القراءة للإمام والمأموم ، حديث رقم ٤٦٠.
وأخرجه مسلم في : الصلاة ، حديث ٣٤ و ٣٥ و ٣٦.