امْرَأَتَكَ كانَتْ مِنَ الْغابِرِينَ) (٣٣)
(قالَ رَبِّ انْصُرْنِي عَلَى الْقَوْمِ الْمُفْسِدِينَ) أي الذين يفسدون كل برهان عقليّ ونقليّ ، وكل حكمة إلهية (وَلَمَّا جاءَتْ رُسُلُنا إِبْراهِيمَ بِالْبُشْرى) أي بالبشارة بالولد والنافلة ، وهم الملائكة. بعثوا لنصر لوط وتبشيره بهلاك قومه (قالُوا) أي لإبراهيم عليهالسلام (إِنَّا مُهْلِكُوا أَهْلِ هذِهِ الْقَرْيَةِ) أي قرية سدوم (إِنَّ أَهْلَها كانُوا ظالِمِينَ) أي بتنزيلهم الرجال منزلة النساء ، وقطع السبل ، وفعل المنكر وترك المعروف (قالَ إِنَّ فِيها لُوطاً قالُوا نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَنْ فِيها لَنُنَجِّيَنَّهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ كانَتْ مِنَ الْغابِرِينَ) أي الباقين في العذاب أو القرية (وَلَمَّا أَنْ جاءَتْ رُسُلُنا) أي المذكورون بعد مفارقتهم لإبراهيم عليهالسلام (لُوطاً سِيءَ بِهِمْ) أي اعترته المساءة بسببهم مخافة أن يقصدوهم (وَضاقَ بِهِمْ ذَرْعاً) أي ضاق بشأنهم ذرعه ، أي طاقته (وَقالُوا لا تَخَفْ وَلا تَحْزَنْ إِنَّا مُنَجُّوكَ وَأَهْلَكَ) أي ممّا يصيبهم من العذاب (إِلَّا امْرَأَتَكَ كانَتْ مِنَ الْغابِرِينَ).
القول في تأويل قوله تعالى :
(إِنَّا مُنْزِلُونَ عَلى أَهْلِ هذِهِ الْقَرْيَةِ رِجْزاً مِنَ السَّماءِ بِما كانُوا يَفْسُقُونَ (٣٤) وَلَقَدْ تَرَكْنا مِنْها آيَةً بَيِّنَةً لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (٣٥) وَإِلى مَدْيَنَ أَخاهُمْ شُعَيْباً فَقالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللهَ وَارْجُوا الْيَوْمَ الْآخِرَ وَلا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ (٣٦) فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دارِهِمْ جاثِمِينَ (٣٧) وَعاداً وَثَمُودَ وَقَدْ تَبَيَّنَ لَكُمْ مِنْ مَساكِنِهِمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أَعْمالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَكانُوا مُسْتَبْصِرِينَ) (٣٨)
(إِنَّا مُنْزِلُونَ عَلى أَهْلِ هذِهِ الْقَرْيَةِ رِجْزاً مِنَ السَّماءِ) أي عذابا عظيما من جهتها (بِما كانُوا يَفْسُقُونَ وَلَقَدْ تَرَكْنا مِنْها آيَةً بَيِّنَةً لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) يعني قصتها العجيبة ، أو آثارها الخربة (وَإِلى مَدْيَنَ أَخاهُمْ شُعَيْباً فَقالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللهَ وَارْجُوا الْيَوْمَ الْآخِرَ) أي توقعوه ، وما سيقع فيه من فنون الأهوال (وَلا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ) أي بالبغي على أهلها ، كنقص المكيال والميزان ، وقطع الطريق على الناس ، فإن عاقبة ذلك الدمار (فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ) أي الصيحة التي هي منشأ الزلزلة الشديدة (فَأَصْبَحُوا فِي دارِهِمْ) أي بلدهم أو منازلهم (جاثِمِينَ) أي هلكى ميتين (وَعاداً وَثَمُودَ وَقَدْ تَبَيَّنَ لَكُمْ مِنْ مَساكِنِهِمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أَعْمالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَكانُوا مُسْتَبْصِرِينَ) أي عقلاء متمكنين من النظر والافتكار بواسطة الرسل عليهمالسلام ،