رؤيتكم ذلتي بقلة الأموال والأعوان ، ومنع عزتكم بهما عن الانقياد لي (وَتَذْكِيرِي بِآياتِ اللهِ) أي بحججه وبراهينه ، أو تخويفي بعذابه (فَعَلَى اللهِ تَوَكَّلْتُ) أي عمدت في دفع ما قصدتموني به (فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ) أي شأنكم في إهلاكي (وَشُرَكاءَكُمْ) يعني آلهتهم وهو تهكم بهم ، أو نظراءهم في الشرك. و (الواو) بمعنى مع. أو معطوف على (أمركم) بحذف المضاف ، أي : وأمر شركائكم. أو منصوب بمحذوف ، أي ادعوا شركائكم ، وذلك لأن (أجمع) يتعلق بالمعاني. يقال : (أجمع الأمر إذا نواه وعزم عليه) (ثُمَّ لا يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً) أي مستورا. من (غمه ، إذا ستره) بل مكشوفا تجاهرونني به (ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَ) أي أدوا إليّ ذلك الأمر الذي تريدون بي (وَلا تُنْظِرُونِ) أي ولا تمهلوني.
القول في تأويل قوله تعالى :
(فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَما سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى اللهِ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ) (٧٢)
(فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ) أي عن الإيمان بما جئتكم به (فَما سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ) أي جعل على عظتكم ، أي فلا باعث لكم على التولي والنفور (إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللهِ) أي ما ثوابي على التذكير إلا عليه تعالى ، يثيبني به ، آمنتم أو توليتم (وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ). أي المستسلمين له وحده بالإيمان به ، ونبذ كل معبود دونه.
القول في تأويل قوله تعالى :
(فَكَذَّبُوهُ فَنَجَّيْناهُ وَمَنْ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ وَجَعَلْناهُمْ خَلائِفَ وَأَغْرَقْنَا الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُنْذَرِينَ) (٧٣)
(فَكَذَّبُوهُ) يعني نوحا بما جاءهم ، عنادا بعد أن قامت عليهم الحجة ، فحقت عليهم ، كلمة العذاب ، وأرسل عليهم الطوفان. (فَنَجَّيْناهُ) أي من الغرق (وَمَنْ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ وَجَعَلْناهُمْ خَلائِفَ) أي خلفاء عن المغرقين وعمّار الأرض (وَأَغْرَقْنَا الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُنْذَرِينَ) أي منتهى أمرهم. والمراد ب (المنذرين) المكذبين. والتعبير به إشارة إلى إصرارهم عليه ، حيث لم يفد الإنذار فيهم. وقد جرت السنة الربانية أن لا يهلك قوم بالاستئصال إلا بعد الإنذار ، لأن من أنذر فقد أعذر. وفي الأمر بالنظر تهويل لما جرى عليهم ، وتحذير لمن كذب الرسول صلىاللهعليهوسلم وتسلية له.