تعالى : (وَفِيها ما تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ) [الزخرف : ٧١] ، (كَذلِكَ يَجْزِي اللهُ الْمُتَّقِينَ) ثم أخبر تعالى عن حالهم عند الاحتضار ، في مقابلة أولئك ، بقوله سبحانه (الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ طَيِّبِينَ) أي طاهرين من ظلم أنفسهم بالكفر والمعاصي وكل سوء (يَقُولُونَ سَلامٌ عَلَيْكُمْ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) أي لتدخل أرواحكم الجنّة فإنها في نعيم برزخيّ إلى البعث. أو المراد بشارتهم بأنهم يدخلونها كقوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلَّا تَخافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ ...) [فصلت : ٣٠] الآيات ، ثم أشار إلى تقريع المشركين ، وتهديدهم على تماديهم في الباطل واغترارهم بالدنيا بقوله تعالى :
القول في تأويل قوله تعالى :
(هَلْ يَنْظُرُونَ إِلاَّ أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ أَمْرُ رَبِّكَ كَذلِكَ فَعَلَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَما ظَلَمَهُمُ اللهُ وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (٣٣) فَأَصابَهُمْ سَيِّئاتُ ما عَمِلُوا وَحاقَ بِهِمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ) (٣٤)
(هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ) أي لقبض أرواحهم بالعذاب (أَوْ يَأْتِيَ أَمْرُ رَبِّكَ) أي العذاب المستأصل. أو يوم القيامة وما يعاينونه من الأهوال (كَذلِكَ) أي مثل فعل هؤلاء من الشرك والاستهزاء (فَعَلَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) أي فتمادوا في ضلالهم حتى ذاقوا بأس الله (وَما ظَلَمَهُمُ اللهُ) فيما أحلّ بهم في عذابه الآتي بيانه. وذلك لأنه تعالى أعذر إليهم وأقام حججه عليهم بإرسال رسله وإنزال كتبه (وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ ، فَأَصابَهُمْ سَيِّئاتُ ما عَمِلُوا) جزاء سيئات أعمالهم من الشرك وإنكار الوحدانية وتكذيب الرسل ونحوها (وَحاقَ بِهِمْ) أي أحاط بهم (ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ) من العذاب الذي توعدتهم به الرسل. وقوله تعالى :
القول في تأويل قوله تعالى :
(وَقالَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شاءَ اللهُ ما عَبَدْنا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ نَحْنُ وَلا آباؤُنا وَلا حَرَّمْنا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ كَذلِكَ فَعَلَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَهَلْ عَلَى الرُّسُلِ إِلاَّ الْبَلاغُ الْمُبِينُ (٣٥) وَلَقَدْ بَعَثْنا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللهُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلالَةُ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ (٣٦)