استفتاحهم وأفلحوا (وَخابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ) وهم قومهم. أو استفتح الكفار على الرسل وخابوا ولم يفلحوا. وإنما قيل : (وَخابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ) ذمّا لهم وتسجيلا عليهم بالتجبّر والعناد. أو استفتحوا جميعا فنصر الرسل وأنجز لهم الوعد ، وخاب أعداؤهم. و (الجبار) المتكبر على طاعة الله تعالى وعبادته و (العنيد) المعاند للحقّ ، كخليط بمعنى مخالط.
وقوله تعالى :
القول في تأويل قوله تعالى :
(مِنْ وَرائِهِ جَهَنَّمُ وَيُسْقى مِنْ ماءٍ صَدِيدٍ) (١٦)
(مِنْ وَرائِهِ جَهَنَّمُ) جملة في محل جر صفة ل (جبار) كناية عن تطلبها له وترصدها إياه ، ومن تطلب شيئا وترصده أدركه لا محالة. وقيل : على تقدير مضاف ، أي : من وراء حياته وانقضاء عمره. (وَيُسْقى مِنْ ماءٍ صَدِيدٍ) وهو ما يسيل من جوف أهل النار ، قد خالط القيح والدم.
القول في تأويل قوله تعالى :
(يَتَجَرَّعُهُ وَلا يَكادُ يُسِيغُهُ وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكانٍ وَما هُوَ بِمَيِّتٍ وَمِنْ وَرائِهِ عَذابٌ غَلِيظٌ) (١٧)
(يَتَجَرَّعُهُ) أي : يتكلف تجرعه لقهره عليه (وَلا يَكادُ يُسِيغُهُ) ولخبثه (وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكانٍ وَما هُوَ بِمَيِّتٍ) أي : تحيط به أسبابه من الأهوال ، وما هو بمستريح مما نزل به (وَمِنْ وَرائِهِ عَذابٌ غَلِيظٌ) أي : شديد متصل لا ينقطع.
القول في تأويل قوله تعالى :
(مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ أَعْمالُهُمْ كَرَمادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عاصِفٍ لا يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُوا عَلى شَيْءٍ ذلِكَ هُوَ الضَّلالُ الْبَعِيدُ) (١٨)
(مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ ، أَعْمالُهُمْ كَرَمادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عاصِفٍ لا يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُوا عَلى شَيْءٍ ، ذلِكَ هُوَ الضَّلالُ الْبَعِيدُ) المثل مستعار للصفة التي فيها غرابة. شبه تعالى أعمالهم اللاتي كانوا يعملونها لأوثانهم أو يراءون بها ـ كإنفاق الأموال وعقر الإبل للضيفان ، في حبوطها ـ لكونها على غير تقوى وإيمان ـ برماد