إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم

تفسير القاسمي [ ج ٦ ]

213/535
*

محرمة على الأنبياء ـ كذا في الإكليل ـ وهذا بعد تسليم نبوة إخوة يوسف. وفيها خلاف. وسيأتي في التنبيهات ، آخر السورة ، تحقيق ذلك.

الخامس ـ في قوله تعالى : (إِنَّ اللهَ يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِينَ) حثّ على الإحسان ، وإشارة إلى أن المحسن يجزى أحسن جزاء منه تعالى ، وإن لم يجزه المحسن إليه.

ثم بيّن تعالى رأفة يوسف بتعرفه إليهم بقوله :

القول في تأويل قوله تعالى :

(قالَ هَلْ عَلِمْتُمْ ما فَعَلْتُمْ بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ إِذْ أَنْتُمْ جاهِلُونَ) (٨٩)

(قالَ) أي يوسف مجيبا لهم (هَلْ عَلِمْتُمْ ما فَعَلْتُمْ بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ إِذْ أَنْتُمْ جاهِلُونَ) أي شبان غافلون؟ استفهام تقرير ، يفيد تعظيم الواقعة. ومعناه : ما أعظم ما ارتكبتم في يوسف ، وما أقبح ما أقدمتم عليه! كما يقال للمذنب : هل تدري من عصيت وهل تعرف من خالفت؟ وهذه الآية تصديق لقوله تعالى : (وَأَوْحَيْنا إِلَيْهِ لَتُنَبِّئَنَّهُمْ بِأَمْرِهِمْ هذا وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ) [يوسف : ١٥].

لطائف :

الأولى ـ أبدى المهايميّ مناسبة بديعة في قول يوسف لهم : (هَلْ عَلِمْتُمْ) إثر قولهم : (إِنَّ اللهَ يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِينَ) ، وهو أنهم أرادوا بقولهم : (إِنَّ اللهَ يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِينَ) أنه يعطيهم في الآخرة ما هو خير من العوض الدنيويّ ، فأشار لهم يوسف بأنكم تريدون دفع الضرر العاجل ، بوعد الأجر الآجل ، ولا تدفعون عن أنفسكم الضرر الآجل ، كأنكم تنكرونه ، هل علمتم ضرر ما فعلتم بيوسف؟

الثانية ـ قيل : من تلطفه بهم قوله : (إِذْ أَنْتُمْ جاهِلُونَ) كالاعتذار عنهم ، لأن فعل القبيح على جهل بمقدار قبحه ، أسهل من فعله على علم. وهم لو ضربوا في طرق الاعتذار لم يلفوا عذرا كهذا. ألا ترى أن موسى عليه‌السلام ، لما اعتذر عن نفسه لم يزد على أن قال : (فَعَلْتُها إِذاً وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ) [الشعراء : ٢٠] ففيه تخفيف للأمر عليهم.

الثالثة ـ قال الزمخشري : فإن قلت : ما فعلهم بأخيه؟ قلت : تعريضهم إياه للغمّ والثكل ، بإفراده عن أخيه لأبيه وأمه ، وجفاؤهم به ، حتى كان لا يستطيع أن يكلم أحدا منهم إلا كلام الذليل للعزيز ، وإيذاؤهم له بأنواع الأذى. انتهى.