(فَاتَّقُوا اللهَ) أي أن تعصوه بما هو أشد من الزنى خبثا.
(وَلا تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي) أي ولا تهينوني وتفضحوني في شأنهم ، فإنه إذا خزي ضيف الرجل أو جاره ، فقد خزي الرجل ، وذلك من عراقة الكرم ، وأصالة المروءة و (تخزون) مجزوم بحذف النون ، والياء محذوفة اكتفاء بالكسرة ، وقرئ بإثباتها على الأصل.
(أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ) أي فيرعوي عن القبيح ، ويهتدي إلى الصواب.
القول في تأويل قوله تعالى :
(قالُوا لَقَدْ عَلِمْتَ ما لَنا فِي بَناتِكَ مِنْ حَقٍّ وَإِنَّكَ لَتَعْلَمُ ما نُرِيدُ) (٧٩)
(قالُوا لَقَدْ عَلِمْتَ ما لَنا فِي بَناتِكَ مِنْ حَقٍ) أي حاجة ، إذ لا نريدهن. وفي تصدير كلامهم باللام المؤذنة بأن ما بعدها جواب القسم ، أي : والله لقد علمت ـ إشارة إلى ما ذكرناه من أنه كان واثقا وجازما بعدم رغبتهم فيهن. وأيد ذلك قولهم : (وَإِنَّكَ لَتَعْلَمُ ما نُرِيدُ) استشهادا بعلمه.
القول في تأويل قوله تعالى :
(قالَ لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلى رُكْنٍ شَدِيدٍ) (٨٠)
(قالَ لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً) أي بدفعكم قوة ، بالبدن أو الولد (أَوْ آوِي إِلى رُكْنٍ شَدِيدٍ) أي عشيرة كثيرة ، لأنه كان غريبا عن قومه ، شبهها بركن الجبل في الشدة والمنعة.
أي : لفعلت بكم ما فعلت ، وصنعت ما صنعت.
تنبيه :
قال الإمام ابن حزم رحمهالله في (الملل) :
ظن بعض الفرق أن ما جاء في الحديث الصحيح من قوله صلىاللهعليهوسلم : «رحم الله لوطا ، لقد كان يأوي إلى ركن شديد» (١) إنكار على لوط عليهالسلام. ولا تخالف بين القولين ، بل كلاهما حق ، لأن لوطا عليهالسلام إنما أراد منعة عاجلة يمنع بها قومه
__________________
(١) أخرجه البخاري في : الأنبياء ، ١٥ ـ باب : (وَلُوطاً إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفاحِشَةَ ...) إلخ. عن أبي هريرة أن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «يغفر الله للوط ، إن كان ليأوي إلى ركن شديد».