ومن مظاهر فضيلة التحدث بنعمة الله تبارك وتعالى أن يتمتع الانسان تمتعا معقولا مقبولا معتدلا بما ساق الله اليه من نعم وخيرات وآلاء ، والرسول صلوات الله وسلامه عليه يقول في هذا الشأن : «ان الله يحب أن يرى أثر نعمته على عبده».
وعن مالك بن نضلة الجشمي : كنت عند رسول الله صلىاللهعليهوسلم جالسا ، فرآني رث الثياب ، فقال : ألك مال؟. قلت : نعم يا رسول الله ، من كل المال. قال : اذا آتاك الله مالا ، فلير أثره عليك.
والتحدث بنعمة الله عز شأنه يتضمن الثناء على الله المنعم المتفضل ، ولابن القيم في «مدارج السالكين» عبارة تبين الصلة بين التحدث والثناء ، يقول فيها :
«الثناء على المنعم المتعلق بالنعمة نوعان : عام وخاص ، فالعام وصفه بالجود والكرم والبر والاحسان ، وسعة العطاء ، ونحو ذلك. والخاص التحدث بنعمته ، والاخبار بوصولها اليه ، من جهته ، كما قال تعالى :
«وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ» (١).
وفي هذا التحديث المأمور به قولان ، أحدهما أنه ذكر النعمة ، والاخبار بها ، وقوله : أنعم الله عليّ بكذا وكذا. قال مقاتل : يعني اشكر ما ذكر من النعم عليك في هذه السورة ، من جبر اليتم ، والهدى بعد الضلال ، والاغناء بعد العيلة.
والتحدث بنعمة الله شكر ، كما في حديث جابر مرفوعا : «من صنع اليه معروف فليجز به ، فان لم يجد ما يجزي فليثن ، فانه اذا أثنى عليه فقد شكره ، وان كتمه فقد كفره ، ومن تحلى بما لم يعط كان كلابس ثوبي زور».
__________________
(١) سورة الضحى ، الآية ١١.