ومن مناقب سعد أنه لما كانت غزوة الخندق بذل رسول الله عليه الصلاة والسّلام لعيينة بن حصن ثلث ثمار المدينة لينصرف بمن معه من غطفان ، واستشار سعد بن معاذ وسعد بن عبادة دون سائر الناس ، فقالا للنبي : يا رسول الله ، ان كنت أمرت بشيء فافعله ، وان كان غير ذلك فو الله لا نعطيهم الا السيف. فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : لم أومر بشيء ، وانما هو أمر أعرضه عليكما. فقالا : يا رسول الله ، ما طمعوا بذلك بنا قط في الجاهلية فكيف اليوم ، وقد هدانا الله بك؟. فسر النبي عليه صلوات الله وسلامه بكلامهما.
وكانت راية رسول الله صلىاللهعليهوسلم بيد سعد بن عبادة يوم الفتح ، فمر بها على ابي سفيان ، وكان ابو سفيان قد أسلم ، فقال له سعد : اليوم يوم الملحمة ، اليوم تستحل الحرمة ، اليوم أذل الله قريشا.
فلما مر رسول الله في كتيبة من الانصار ناداه أبو سفيان : يا رسول الله ، أمرت بقتل قومك ، زعم سعد أنه قاتلنا؟. وقال عثمان وعبد الرحمن ابن عوف : يا رسول الله ، ما نأمن سعدا أن تكون منه صولة في قريش.
فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : يا أبا سفيان ، اليوم يوم المرحمة ، اليوم أعز الله قريشا. وأخذ الرسول اللواء من يد سعد ودفعه الى ابنه قيس.
ولقد كان سعد بن عبادة رضي الله عنه غيورا شديد الغيرة ، ولقد قال ذات يوم أمام النبي : لو رأيت رجلا مع امرأتي لضربته بالسيف غير مصفح ـ أي غير ضارب بصفحة السيف وعرضه ، بل أضربه بحده لأقتله ـ فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : أتعجبون من غيرة سعد؟ لأنا أغير منه ، والله أغير مني ، رواه الشيخان ، وزاد مسلم في روايته قوله : «من أجل غيرة الله حرم الفواحش ما ظهر منها وما بطن ، ولا شخص أحب اليه العذر من الله ، من أجل ذلك بعث الله المرسلين مبشرين ومنذرين