للناس عبدا ، بل يتخذه لنفسه عبدا فلا يجعل له فيه شركاء متشاكسين ، بل يفرده لنفسه ، ويضن به على غيره.
وغيرة العبد لربه نوعان : غيرة من نفسه ، وهي أن لا يجعل شيئا من أعماله وأقواله وأحواله وأوقاته وأنفاسه لغير ربه تبارك وتعالى ، وغيرة العبد من غيره ، وهي أن يغضب الانسان ويغار من غيره اذا رأى محارم الله جل جلاله ينتهكها منتهكون ، أو يتطاول عليها متطاولون ، أو رأى حقوق الله جل جلاله يتهاون بها متهاونون ...
يقول ابن القيم : «وغيرة العبد من نفسه أهم من غيرته من غيره. فانك اذا غرت من نفسك صحت لك غيرتك لله من غيرك ، واذا غرت له من غيرك ، ولم تغر من نفسك ، فالغيرة مدخولة معلولة ولا بد ، فتأملها وحقق النظر فيها.
فليتأمل السالك اللبيب هذه الكلمات في هذا المقام ، الذي زلت فيه أقدام كثير من السالكين والله الهادي والموفق المثبت».
* * *
واذا انتقلنا الى روضة السنة النبوية المطهرة وجدنا الحديث الصحيح المروي عن عبد الله بن مسعود ، وفيه يقول رسول الله عليه الصلاة والسّلام : «ما أحد أغير من الله ، ومن غيرته حرم الفواحش ما ظهر منها وما بطن ، وما أحد أحب اليه المدح من الله ، ومن أجل ذلك أثنى على نفسه ، وما أحد أحب اليه العذر من الله ، من أجل ذلك أرسل الرسل مبشرين ومنذرين».
وحسب الغيرة شرفا وقدرا أن يخبرنا هذا الحديث انها خلق من أخلاق الله عز شأنه ، والحديث يشير في صدره الى قول الله تبارك وتعالى في سورة الاعراف :